أعلنت البعثة الأثرية المصرية الفرنسية المشتركة التابعة للمركز المصري الفرنسي لدراسة معابد الكرنك (CFEETK)، عن اكتشاف أثري مهم داخل الركن الجنوبي الشرقي لمعابد الكرنك، تمثل في مدينة متكاملة تعود لعصر الدولة الوسطى (2050 – 1710 ق.م)، ظلت نشطة لأكثر من ألف عام.
وأسفرت أعمال الحفر التي استمرت منذ عام 2021 وحتى اليوم، عن العثور على مبانٍ مشيدة من الطوب اللبن، ومخازن غذائية، وأفران لصناعة الخبز والطهي، بالإضافة إلى أدوات تجميل وزينة تعود للعاملين في تلك المنطقة، والتي لم تُكتشف سابقًا على يد الباحث الفرنسي "جورج لاجران" خلال حملاته بين عامي 1895 و1910.
وكشف فريق البعثة أن المباني المكتشفة كانت تُستخدم لتخزين المواد الغذائية وإعداد الطعام، وجرى ترميمها حاليًا باستخدام طوب لبن حديث بنفس المقاسات، لضمان الحفاظ على طابعها الأثري.
كما تم الكشف عن أفران للخبز تعود لعصر الأسرة 13، واستُخدمت المنطقة لاحقًا كمكب نفايات خلال فترة الأسرة 17، ثم أعيد استخدامها مرة أخرى في بداية الأسرة 18 كموقع للتخزين.
ومن أبرز الاكتشافات قطع فخارية ملونة ومزججة باللون الأزرق تتطابق مع إناء "نمست" المعروض حاليًا في متحف اللوفر، والذي يعود لعهد الملك أمنحتب الثالث، مما يعزز من القيمة التاريخية والاستخدامات المتنوعة للموقع عبر العصور.
ويؤكد خبراء الآثار أن هذا الكشف سيسهم في إعادة رسم خريطة الاستخدامات المختلفة لمعابد الكرنك، خاصة أن الجزء الجنوبي الشرقي من المعبد لم يحظَ بدراسة وافية سابقًا، مما يفتح الباب أمام رؤى جديدة لفهم تطور النشاط الاقتصادي والاجتماعي والديني داخل المعبد.
ويواصل الفريق حالياً أعمال الدراسة والترميم وتحليل عينات التربة لفهم أوضح لتاريخ المنطقة ووظيفتها التفصيلية عبر العصور المختلفة، بما يعزز من مكانة الكرنك كموقع أثري فريد غني بالاكتشافات التي لا تنضب.