كشفت أحدث الدراسات السوقية لـ"بريتيش أمريكان توباكو – مصر" أن تجارة السجائر غير المشروعة في مصر وصلت إلى 20% من حجم السوق المحلي خلال عام 2012 بزيادة ملحوظة عن الأرقام المسجلة لتلك التجارة في 2011.
جدير بالذكر أن تجارة السجائر غير المشروعة كانت شبه منعدمة في مصر نهاية 2010، حيث كانت نسبتها 0.03٪ فقط من حجم السوق الذي بلغ وقتها 81 مليار سيجارة، إلا أن هذه النسبة قفزت بسرعة هائلة في 2011 لتصل إلى 10٪ من حجم سوق السجائر الذي قُدّر بحوالي 84 مليار سيجارة.
وأرجعت الدراسة هذه الزيادة إلى العديد من العوامل، أهمها الضريبة المتصاعدة على السجائر والتي أسفرت عن زيادة أسعارها، والانفلات الأمني الواضح في فترة ما بعد ثورة 25 يناير، موضحة أن تجارة السجائر غير المشروعة تؤدي لتبعات سلبية على الصعيد الاقتصادي والصحي والقانوني والاجتماعي.
وأضافت أنه على الصعيد الاقتصادي، تتسبب تجارة السجائر غير المشروعة- والتي تبلغ 20% من حجم السوق المصري حاليا- في خسارة قدرها 4 مليارات جنيه، نتيجة عدم تحصيل الحكومة للرسوم الجمركية والضرائب، وتمثل هذه القيمة 3% من عجز الموازنة الحالية (143مليار جنيه) و21٪ من قرض صندوق النقد الدولي (3.2 مليار دولار"ما يوازي 19.3 مليار جنيه") وهو القرض الذي تهدف الحكومة لاستخدامه في حل الأزمة المالية الحالية.
وكان من الممكن للحكومة المصرية تحصيل تلك الحصيلة الجمركية والضريبية الهائلة، إذا قامت بإحكام الرقابة على كافة منافذ تهريب السجائر، مع تفعيل قوانين مكافحة التجارة غير المشروعة، ولا شك أنه إذا تم تحصيل هذه الإيرادات الضخمة كان يمكن للحكومة توجيهها لتنفيذ العديد من المشروعات الاجتماعية، مثل مشروع التأمين الصحي الجديد وغيرها من المشاريع التنموية، مما يؤدي إلى تحسين أوضاع البلاد من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية.
أما من الناحية الصحية، ففي ظل فرض ضريبة مرتفعة على السجائر وتدهور الوضع الاقتصادي، نجد أن المستهلك المصري ينفق جزءا لا بأس به من دخله على السجائر المهربة كبديل أرخص، وهو لا يدرك أن هذه السجائر غير متوافقة مع المواصفات والمعايير الدولية أو القوانين المحلية، بما في ذلك عدم الالتزام بنسب القطران والنيكوتين وعرض التحذيرات المناسبة للأضرار الصحية، وتوضيح الشركة المُصنّعة وبلد المنشأ، والقيود المفروضة على بيع السجائر لمن هم دون السن القانوني.
ويتمثل البعد الاجتماعي والقانوني في انتشار ظاهرة التجارة غير المشروعة وتفشيها في المجتمع، نظراً لارتفاع هامش ربحها، حيث يحصد تجار التجزئة من ورائها أكثر من 7 أضعاف الأرباح التي يحصدوها من بيع المنتجات المحلية، في حين تصل أرباح تجار الجملة لأكثر من 16 ضعفًا، مما أدى لظهور العديد من التجار والباعة الذين لا يتعاملون سوى في السجائر المهربة.
وبالإضافة إلى فرض الضرائب المباشرة على صناعة السجائر، ساهمت عدة عوامل أخرى في ازدهار التجارة غير المشروعة بما في ذلك الفراغ الأمني وعدم تفعيل القوانين، الأمر الذي أدى لظهور ما يقارب من 100 منتجاً معروفا من السجائر المهربة التي تتوافر في السوق بكثرة، وتدخل مصر من عدة منافذ مثل الحدود المصرية مع ليبيا، وعن طريق الأردن والإمارات العربية المتحدة والصين، ومحلات السوق الحرة والمحلات التجارية المنتشرة على الحدود المصرية.