اجتاح مرض الحمى القلاعية في الأسبوع الماضي جميع أنحاء محافظات مصر، ومازال مستمرًا حتى الآن في ظل الغياب التام للجهات المسئولة عن ذلك، وعلى رأسهم الإدارة العامة للخدمات البيطرية، ووزارة الزراعة والبيئة والسادة المحافظين، مما أدى إلى نفوق الآلاف من الماشية، وأوشكت الثروة الحيوانية على الانهيار، بالإضافة إلى الخسائر التي لحقت بالمربين والحزن الشديد الذي ساد معظم قرى مصر، وذلك بسبب تجاهل المسئولين وعدم معرفتهم ببداية ظهور المرض وانتشاره وعدم قدرتهم على احتواء الأزمة والتعامل معها، بالإضافة إلى التصريحات المتضاربة من قبل المسئولين بشأن أعداد المواشي النافقة، وحالات الاشتباه.
فمنذ يوم 26 فبراير الماضي، وحتى يوم 8 مارس الجاري، أعلن وزير الزراعة الدكتور محمد رضا إسماعيل عن نفوق 670 حالة، بينما أعلنت هيئة الخدمات البيطرية عن نفوق 330 حالة في ذلك التوقيت، فيما أعلنت المحافظات التي انتشر بها هذا الوباء عن نفوق الآلاف من المواشي مما يدل على عدم التنسيق بين الجهات المختصة بشأن هذه الإحصائيات الهامة التي يمكن من خلالها محاصرة المرض، وهذا يكشف أيضا عدم قدرة الجهات المختصة على إدارة الأزمة.
كانت بداية ظهور وباء الحمى القلاعية منذ عام 1950 وكانت الإصابة بالعترة " sat2" ومنذ عام 52 حتى 58 تم عزل العترة a ثم اختفت وفى عام 61 حتى عام 200 كانت الإصابة بالعترة oثم عاود المرض الظهور في عام 2006 بالعترة aوفى عام 2009 عاود المرض الظهور بالعترتين" o، "a وتم دخوله مصر عن طريق الدول الأفريقية في غياب الأجهزة الرقابية والحجر البيطري في مصر، ولكن سرعان ما انتشر هذا المرض بشكل كبير جدا ومفاجئ خلال الأيام القليلة الماضية، وأصبحت حالات الإصابة به في تزايد مستمر حتى وقتنا هذا، والذي كشف عن الإهمال الشديد من قبل الخدمات البيطرية، وأيضا عدم وجود أمصال كافية لمعالجة هذا الفيروس بل اتضح انه لا يوجد في مصر أمصال نهائيا لهذا المرض حيث انه تحور وأصبحت الأمصال الموجودة حاليا ليس لها أي فائدة لعلاج الحالات المصابة مما دفع أخيرا الحكومة الفرنسية بتقديم العون والمساعدة في توفير الأمصال المضادة للمرض الجديد.
في البداية أكدت الدكتورة سهير حسن وكيل وزارة الزراعة للطب الوقائي ، في تصريحات خاصة لـ" الخبر الاقتصادي" أن مرض الحمى القلاعية هو مرض فيروسي يصيب كل من الأبقار والجاموس والخنازير، وتظهر الأعراض عليها بصورة شديدة، أما الأغنام والماعز فتصاب بالمرض، ولكن لا تظهر عليها الأعراض، وهو مرض سريع الانتشار عن طريق الهواء والرياح الموسمية ويصل مدى انتشاره حتى 100 كيلو متر مربع، كما ينتقل المرض عن طريق الاحتكاك المباشر بالحيوان المصاب وإفرازاته، مثل اللعاب والبول والبراز واللبن، وتعتبر الطيور والقوارض والقطط والكلاب والقراد عوامل نقل ميكانيكية للمرض من حيوان مصاب إلى أخر سليم، علما بان مرض الحمى القلاعية لا يسبب نفوق في الماشية البالغة إلا بنسبة من 2 : 3 % وينحصر النفوق فقط في الحيوانات الرضيعة حديثة الولادة عند إرضاعها من الأمهات المصابة.
وأشارت الدكتورة سهير إلى أن مرض الحمى القلاعية من الأمراض المستوطنة بكثرة في العديد من البلاد في أفريقيا والشرق الأوسط واسيا وأجزاء من أمريكا الجنوبية وأوربا ويعد مرض الحمى القلاعية من اخطر الأمراض العابرة للحدود فهو مرض فيروسي عالي الانتشار وقد يصبح في سرعة انتشاره مرض قومي، أو عالمي ورغم انه مرض قليلا ما يقضى علي الحيوانات البالغة، لكنة يسبب خسائر كبيرة ونتائج اقتصادية مزعجة، من خلال فقدان الإنتاج العالمي والتجارة، مشيره إلي انه لا يوجد قانون في مصر يقضى بتعويض المربين عن نفوق مواشيهم بمرض الحمى القلاعية، ولكن القانون الموجود حاليا ينص علي تعويض مرض السل والحمى المالطية، كما أعلن رئيس الهيئة حالة الطوارئ في جميع إنحاء الجمهورية، والإبلاغ الفوري عن أي حالات إصابة بالمرض بكل شفافية حتى يتمكن من محاصرته، حيث وصل عدد نفوق الماشية في مصر بهذا المرض منذ 26 فبراير الماضي حتى 8 مارس 330 حالة واشتباه في 2175 حالة.
ومن جانبه قال الدكتور عادل عبد العظيم أستاذ الأمراض المعدية والوبائية بطلية الطب البيطري بجامعة القاهرة، أن المرض ليس جديد، ولابد من أن نفرق بين المرض وبين مسببه لان المرض له أكثر من مسبب، وان عدد مسبباته 7 أنواع مختلفة، ولا يعطي أحدا منها مناعة للأخر، وفي كل نوع يوجد حوالي 64 نوعًا آخر، إذن هنا الأمر معقد جدا، ولكن لم يكن المرض موجودا في مصر حتى أوائل شهر فبراير الماضي، وكان يوجد عترتين من المرض " oوa " وكان هناك تحصين يتم عن طريق الهيئة العامة للخدمات البيطرية، ولكن مصر تقع في موقع جغرافي خطير جدا، وبها قناة السويس والبحر الأحمر ومنافذ كثيرة لعبور ودخول الصادرات والواردات من جميع أنحاء العالم، والتي تمر من هذه المنطقة بما في ذلك الحيوانات الحية، وما تحمله من أمراض معدية تصاب بها مصر أثناء وقوفها، أو مرورها في القناة، أو في البحر الأحمر، أو علي شواطئ مصر، وبالتالي التعرض هنا يكون خطير لذلك يجب أن نتبع طرق التامين الخاصة بالشواطئ والمياه والسفن .
وأشار عبد العظيم، إلي خطورة الحمى القلاعية في اللبن واللحم ، الذي يفرزه الحيوان وان الخسائر التي تحدث هي خسائر اقتصاديه فادحه، وليس فقد خسائر الحيوان الذي يتم نفوقه، وأيضا مضعفاته التهاب للضرة، لذلك اللبن المنتج لا يصلح للاستهلاك الآدمي، ويجب أن يعدم لأنه يكون به مضادات حيوية وبكتريا زيادة ، مشيرا إلي انه لا توجد مصداقيه في نقل البيانات الدقيقة والصحيحة عن وجود المرض، وأعداد نفوق الماشية، بالإضافة إلي أن مرض الحمى القلاعية ليس مسئوليه الطب البيطري فقط، بل إنها مسئوليه الطب البيطري والداخلية وزاره الدفاع خاصة في سلاح الحدود، ومسئوليه المحليات والبيئة وأيضا مسئوليه مجتمعيه، لذلك لابد أن يكون هناك الوعي الكافي لشرح هذه المخاطر.
وكشف عبد العظيم عن عدم وجود التمويل الكافي، الذي يعطي للهيئة العامة للخدمات البيطرية لتغطيه تحصين جميع الحيوانات علي مستوى الجمهورية.