أكد خبراء قانونيون أن التحكيم الدولي يعتبر أحد الأسباب الرئيسية لضياع ثروة مصر العقارية، مطالبين بإصدار تشريع منفصل وموحد ينظم منح أراضي الدولة لمختلف الأغراض.
وقال المستشار عيد البيومي مستشار وزير الزراعة السابق - في ورشة عمل لمركز بحوث شركاء التنمية بعنوان "كيف يمكن تعزيز الشفافية في تخصيص الأراضي" إن الأراضي المملوكة للدولة ملكية عامة يمنع التصرف فيها بموجب القانون ورغم ذلك يجري التعدي عليها وتملكها عن طريق دعاوى تثبيت الملكية.
وأضاف أن الدولة في الفترة الماضية قامت بتمليك أراض عامة لأفراد إلا أنهم قاموا بإنشاء مشروعات أخرى في غير الغرض الأساسى لها مثل المنتجعات المقامة على طريق مصر اسكندرية الصحراوي بينما كان الغرض الرئيسي منها هو استصلاح الأراضي.
واعتبر البيومي أن قانون رقم 27 لسنة 1994 أحد الأسباب الرئيسية لضياع الثروة العقارية في مصر خاصة نص المادة 11 فضلا عن قانون التحكيم الدولي الذي ملك رجل الأعمال وجيه سياج أراض سيناء.
وطالب بضرورة منع قانون التحكيم الدولي في التصرفات بالأراضي العقارية وإصدار قانون جديد منفصل لتملك الأراضي إلى جانب تحديد أساليب التصرف في الأراضي وكذلك تسعيرها مع التحديث الدوري لعملية التسعير.
ودعا إلى إنشاء لجنة قضائية تختص دون غيرها بالفصل فى جميع المنازعات القائمة التى تنشأ حول الاراضى الخاضعة لهذا القانون بين الوزرات والهيئات العامة بالإضافة إلى تغليظ العقوبات بشأن التعدي على أراضي الدولة الخاضعة لأحكام هذا القانون واعتبارها من جرائم التعدي على المال العام.
من جانبه أكد المستشار حسن داود رئيس محكمة جنوب القاهرة أنه لا توجد خبرة قانونية بمصر في قضايا التحكيم الدولي ونتيجة لذلك خسرنا معظم قضايا التحكيم بالإضافة إلى كثرة التشريعات الموجودة في القانون والتي تظهر في قضية واحدة.
وطالب داود بتوحيد التشريعات المنظمة لسياسة التصرف فى اراضى الدولة إلى جانب أسس ومعايير تسعير الأراضي ذات الاستخدام الواحد وإزالة التقسيمات القانونية ذات الأثر السلبي على أراضي الدولة.
كما دعا إلى وضع آليات فعالة واضحة للرقابة والمتابعة من الجهات المعنية على استخدامات أراضي الدولة ورسم إطار عام وخلاق للمشروعات الاقتصادية ومنع أي تداخل أو ازدواج بين اختصاص الجهات الحكومية العاملة فى مجال الأراضي.
وأوصى دواد كذلك بوضع آليات قانونية وواقعية تكفل حظر استخدام الأراضي لغير الغرض المخصص لها من أجل حظر التجزئة والاقتراض بضمان الأراضي المباعة.
ودعا إلى إصدار تشريع منفصل وموحد ينظم منح أراضي الدولة لمختلف الأغراض..مطالبا بحدوث تغييرات واسعة فى نظام أو أنظمة تخصيص أراضي الدولة خلال الفترة المقبلة بعد المخالفات الكارثية التي ظهرت في قضايا مثل قضية أرض مدينتي وغيرها.
وقال إنه يتعين النظر إلى كافة التشريعات التي تعالج تلك الجزئية والتصدي لتطويرها وفقا لما ظهر من ثغرات أدت الى ضياع مئات المليارات من الجنيهات على الدولة نتيجة لذلك.
وأكد المستشار حسن داود رئيس محكمة جنوب القاهرة أهمية إصدار تشريع جديد عام وشامل ويحتوي على كافة الشروط والمبررات والقواعد التي تمنح بموجبها الأراضي لكل أنواع الاستثمار على أن تتضمن اللائحة التنفيذية للقانون قواعد محددة وواضحة.
وأشار في هذا الصدد إلى أراضي مشروع توشكي التي خصصت لبعض الشخصيات ولم يجر استصلاحها أو ردها للدولة لكى تعيد توزيعها على الراغبين في الحصول على أراض في هذا المشروع.
من ناحية أخرى, قال الدكتور مصطفى السيد مدير مركز شركاء التنمية إن غياب الشفافية في اتخاذ القرارت المتعلقة بأراضي الدولة خلال الفترة الماضية أدى إلى إهدار العديد منها وضياع موارد الدولة.
وأوضح أن مشروع توشكي (جنوب غرب مصر) كان المستهدف له زراعة 5ر3 مليون فدان وانتقال نحو 5 ملايين مواطن إليه وإنشاء 18 مدينة في تلك الرقعة, لكن الأهداف اقتصرت على استصلاح 500 ألف فدان حول الترعة المنشقة من بحيرة السد العالي.
وأشار مدير مركز شركاء التنمية إلى أن القرارات المتعلقة بالأموال العامة والأراضي ينبغي أن تتضمن رؤى استراتيجية وتتمتع بالرشادة والشفافية لتراعي المصلحة العامة وتحظى بتوافق عام وأن يخضع متخذوها للمساءلة القانونية أمام المجالس التشريعية والرأي العام.