نشرت "رويترز" تقريرًا يرصد تحولات الإعلام المصري بعد خلع الرئيس السابق حسني مبارك العام الماضي بما وصفته بالتخبط في التغطية الإعلامية وخصوصًا في وسائل الإعلام الحكومية التي يقول عنها التقرير إنها مارست تحريضًا في بعض الأحيان كما استبدلت بمبارك المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شئون البلاد.
ويستشهد التقرير بموقف الإعلام الحكومي من الاحتجاجات الشعبية الحاشدة في ميدان التحرير القريب من مبنى الإذاعة والتليفزيون بوسط القاهرة والتي أدت إلى خلع مبارك في فبراير 2011 وكيف "أصبحت الثورة بين عشية وضحاها أيقونة بعدما كانت قبلها بيوم واحد... مجرد مؤامرات وقلة مندسة وأصابع خارجية."
ويقول التقرير إن الإعلام وبخاصة الحكومي عاني "تخبطا شديدا" بعد خلع مبارك إذ لم تكن الرؤية واضحة في التعامل مثلا مع التيارات الدينية التي كانت في عهد مبارك تعد غير قانونية أو محظورة ثم أصبح الإعلام يرحب بها في حذر ثم أصبح وجود رموزها طبيعيا.
وحمل التقرير عنوان (التغطية الإعلامية للمرحلة الانتقالية في مصر.. المجلس العسكري. القضاء. الأحزب والانتخابات) وهو رصد للفترة من يوليو 2011 ويناير 2012 من خلال ثلاثة محاور هي تغطية الانتخابات البرلمانية وشؤون القضاء وأنشطة المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير البلاد منذ خلع مبارك.
والتقرير الذي يقع في 140 صفحة كبيرة القطع أصدرته الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان وكتب مقدمته مديرا المؤسستين جمال عيد وحافظ أبو سعدة.
واختار التقرير 11 وسيلة إعلامية يرى أنها الأكثر انتشارا وهي صحف (الأهرام) و(الأخبار) الحكوميتان و(المصري اليوم) و(الشروق) الخاصتان و(الوفد) الحزبية وأربعة مواقع إلكترونية إخبارية هي (اليوم السابع) و(مصراوي) و(بوابة الأهرام) و(البديل) وثلاثة برامج حوارية هي (بلدنا بالمصري) على قناة أون تي في و(العاشرة مساء) على قناة دريم و(مباشر من مصر) على الفضائية المصرية.
ويقول التقرير إنه رصد أداء هذه الوسائل للتعرف على مدى التزامها بالمعايير المهنية في الحياد والنزاهة ونقل الآراء المختلفة دون تبني وجهة نظر واحدة.
ويصف أداء الإعلام الحكومي بالاضطراب في شهري يوليو وأغسطس 2011 ومع تعيين أسامة هيكل وزيرا للإعلام عاد أداء التلفزيون المصري "إلى حالة أقرب لما كان عليه في السابق... حدث في عهده (هيكل) التحريض المباشر والصريح على قتل الأقباط أمام ماسبيرو."
وقتل في التاسع من أكتوبر 2011 نحو 25 شخصا في اشتباكات بين محتجين وقوات الجيس أثناء مظاهرة للمسيحيين أمام مبنى الإذاعة والتلفزيون (مبنى ماسبيرو).
ويرصد التقرير أن صحيفتي الأهرام والأخبار كانتا توجهان النقد للحكومة لا للمجلس العسكري كما كانتا في السابق تنتقدان الحكومة مع "تجنب انتقاد الرئيس المخلوع وابنه (جمال)" وأن الأهرام في الشهور الأولى للدراسة حاولت "ولو نسبيا تحقيق بعض التوازن ثم سرعان ما عاد الطابع الحكومي" لأدائها وخصوصا في أزمة أحداث ماسبيرو.
ويقول إن الصحيفتين تعاملتا مع المجلس العسكري بالطريقة نفسها التي كانتا تتعاملان بها مع مبارك وإن الأخبار كانت "الأكثر تأييدا للمجلس العسكري" بالأخبار أو مقالات الرأي الداعمة لمواقفه.
وفيما يخص التغطية الإعلامية لمرشحي الرئاسة يقول التقرير إن الأخبار "انحازت" لعمرو موسى ووصفته بأنه "لم يتغير ويعشق التحديات ويهوى المهام الصعبة."
ويضيف أن موسى كان أكثر مرشحي الرئاسة جذبًا لاهتمام المواقع الإلكترونية يليه محمد البرادعي ثم محمد سليم العوا ثم عبد المنعم أبو الفتوح ثم حمدين صباحي وأن الاهتمام بالبرادعي كان في أعلى معدلاته في يوليو 2011 وبعد انسحابه من السباق تزايد الاهتمام بأبو الفتوح.
ويسجل التقرير أن النساء حصلن على اهتمام ضعيف في التغطية الإعلامية التي لم تزد على 4 % على الرغم من أن برنامجي (بلدنا بالمصري) على قناة أون تي في و(العاشرة مساء) على قناة دريم "تقدمهما نساء" كما كان برنامج (مباشر من مصر) تشارك في تقديمه مذيعة.
ويوصي التقرير بتحرير وسائل الإعلام المملوكة للدولة عبر إنشاء هيئة مستقلة لإدارة هذه المؤسسات لتعبر عن الشعب الذي يملكها.