رغم تنامى الازمات الاقتصادية التى تعانى منها القوى الاقتصادية التقليدية كالولايات المتحدة ومنطقة اليورو ، فان الدول ذات الاسواق الناشئة تشكل بارقة أمل للاقتصاد المصرى لدعم التعافى الاقتصادى وجذب المزيد من التدفقات الاستثمارية المباشرة .
وساهمت الدول ذات الاقتصاديات الناشئة بفاعلية فى تعزيز النمو الاقتصادى العالمى عقب الازمة المالية الدولية عام 2008 رغم تراجع معدلات النمو الاقتصادى بالولايات المتحدة ومنطقة اليورو والتى أثرت على معدلات التدفقات الاستثمارية الاجنبية المباشرة القادمة الى أسواق الدول النامية .
وفى ذلك الصدد أكد خبراء اقتصاد دوليون ان مصر لديها فرصة مواتية لتحقيق التعافى الاقتصادى من خلال تعزيز الاستثمارات القادمة من الدول ذات الاقتصاديات الناشئة وخاصة الاسيوية وتجمع "البريكس" الذى يضم البرازيل وروسيا والصين والهند وجنوب أفريقيا.
وأضافوا ان مصر ينبغى عليها تجنب الاعتماد بشكل رئيسى على الاستثمارات القادمة من القوى الاقتصادية التقليدية كالولايات المتحدة وأوروبا التى تعانى من أزمات اقتصادية ومالية متوقعين تراجع معدلات التدفقات الاستثمارية القادمة الى مصر من القوى الاقتصادية التقليدية خلال العامين الحالى والقادم .
وقال المحلل الاستراتيجي السنغافوري بيتر هسين ان مصر ينبغى عليها توفير البيئة المواتية للاستثمار لجذب المزيد من التدفقات الرأسمالية القادمة من الدول الاسيوية موضحا ان الازمات المالية بالولايات المتحدة والاتحاد الاوروبى توفر فرصة مواتية لدول منطقة الشرق الاوسط ومن بينها مصر لزيادة نصيبها من تلك الاستثمارات الاجنبية القادمة من الاسواق الناشئة.
كان صندوق النقد الدولى قد قلص توقعاته بشان معدل النمو الاقتصادى بالولايات المتحدة أكبر اقتصاد فى العالم والتى يبلغ ناتجها المحلى الاجمالى حوالى 15 تريليون دولار من 1ر2 فى المائة الى اثتين فى المائة فى ابريل الماضى .
ومن جانبه قال جون تافاريل المحلل المالى بمؤسسة جلوبال ترست بهونج كونج ان مصر ستجنى المزيد من المكاسب حال تعزيز تعاونها الاقتصادى والاستثمارى مع الدول ذات الاقتصاديات الناشئة وخاصة تلك التى تمتلك احتياطيات نقدية ضخمة كالصين والهند وكوريا الجنوبية .
واضاف ان الدول الكبرى ومن بينها دول منطقة اليورو اتجهت لتعزيز تعاونها الاقتصادى والتجارى مع الدول ذات الاقتصاديات الناشئة مثل كوريا الجنوبية واليابان لمواجهة التداعيات السلبية الناجمة عن ازمة الديون السيادية .
وأشار الى ان مصر لديها فرصا استثمارية واعدة فى مجالات الزراعة والصناعة وتكنولوجيا المعلومات داعيا الحكومة المصرية الجديدة الى دعم التجارة البينية مع الدول ذات الاقتصاديات الناشئة .
وأوضح ان الدول النامية الكبرى كالصين تخوض حاليا معركة للحفاظ على معدلات النمو الاقتصادى القوية التى تحققت خلال العقود الثلاثة الماضية بفضل معدلات الطلب المرتفعة وزيادة الصادرات والتدفقات الاستثمارية الاجنبية المباشرة.
كانت الصين - التى تمتلك اكبر احتياطى نقدى فى العالم - قد لعبت دورا رئيسيا فى دعم الاقتصاد العالمى خلال فترة الازمة المالية الدولية عام 2008 .. حيث ضخت الحكومة الصينية استثمارات ضخمة فى مجال البنية التحتية وعززت معدلات الطلب المحلى لتعويض التراجع فى صادراتها لأسواق الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبى.
وفى السياق ذاته قال خبير اقتصاديات الاسواق الناشئة جوليان بورنومو ان تباطؤ النمو الاقتصادى الذي تشهده الاقتصادات الناشئة في الفترة الأخيرة يعد ظاهرة مؤقتة.
وأوضح أن التباطؤ يعود إلى مرحلة انتقالية تمر بها قاطرات مجموعة دول "البريكس" تلبية لمطالب الاقتصاد العالمي المتغير. ورجح ان تعوض دول البريكس ما خسرته من طاقات النمو في الفترات اللاحقة مع استئناف الطلب من قبل الدول ذات الاقتصاديات التقليدية كالولايات المتحدة والاتحاد الاوروبى.
ومن جانبه قال المحلل المالى الاندونيسى يوسف كابان ان تسريع خطوات تشكيل الحكومة المصرية الجديدة وإثبات أن هذه الحكومة قادرة على وضع السياسات وتنفيذها يعد أمرا ضروريا لإقناع المستثمرين الذين يؤمنون بامكانيات الاقتصاد المصري أن بإمكانهم حاليا ضخ رؤوس أموال بالسوق المصرية.
وأضاف ان مصر يمكن ان تستفيد من تجربة تعافى الاقتصاديات الاسيوية عقب الازمة المالية التى ضربت اقتصاديات دول جنوب شرق أسيا عام 1997 لدعم نموها الاقتصادى وزيادة معدلات التدفقات الاستثمارية.
وأشار الى ان انخفاض عائدات السياحة وتدنى التدفقات الاستثمارية الاجنبية وتراجع ثقة المستثمرين فى بيئة الاعمال المصرية خلال العامين الماضى والحالى أثرت سلبا على النمو الاقتصادى وعائدات الضرائب، محذرا من احتمال انزلاق الاقتصاد المصرى الى الركود حال استمرار حالة عدم الوضوح على الساحتين الاقتصادية والسياسية.
وتؤكد المؤشرات ان الدول ذات الاقتصاديات الناشئة تشكل " طوق الانقاذ " للاقتصاد المصرى فى ضوء تفاقم الازمات المالية والاقتصادية بشركاء مصر التقليديين : الولايات المتحدة وأوروبا.