نشرت مجلة الايكونوميست العالمية تقريرًا مطولا حول الأسواق الناشئة المرشحة لموجات كبيرة من النمو خلال العشر سنوات المقبلة، واختار التقرير مصر ضمن 6 دول أطلق عليها مصطلح CIVETS, وهذه الدول تضم كولومبيا، اندونيسيا، فيتنام، مصر، تركيا، جنوب أفريقيا.
وأكد التقرير أن اختيار هذه المجموعة يرجع لما تتميز به هذه الدول من مجتمعات سكانية شابة واقتصادات متنوعة واستقرار سياسى ونظم مالية متميزة، بالإضافة إلى ذلك، فإن تلك الدول لا تعانى من ارتفاع صارخ فى معدلات التضخم أو اختلالات كبيرة فى الميزان التجارى أو ديون سيادية ضخمة، مشيرا إلى أن اللافت للانتباه فى هذه المجموعة من الدول ليس اسمها ولكن الفرص الواعدة للنمو التى تنتظرها فى الأجل الطويل.
وبالنسبة لمصر فإن كثيرا من الخبراء الاقتصاديين فى العالم يتوقعون أن تشهد نفس معدلات النمو المرتفعة التى حققتها الصين فى ثمانينيات القرن الماضى, حيث تتشابه مصر مع الصين فى بداية انطلاقها عام 1981, حيث إن مصر لديها عوامل قوة تتمثل فى مناخ الاستثمار الجيد والقاعدة الشعبية الكبيرة ذات النسبة العالية من التعليم، بالإضافة إلى المؤشرات الاقتصادية الجيدة التى يتمتع بها الاقتصاد المحلى.
وأكد الخبراء أن مصر نجحت فى تنفيذ مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية وضعتها ضمن قائمة الدول العشر الأكثر إصلاحا عالميا، حيث أدخلت إصلاحات هيكلية على قانونى الضرائب على الدخل والتأمينات الاجتماعية والمعاشات، كما أنها نجحت خلال الأزمة المالية العالمية فى المحافظة على معدلات نمو ايجابية لاقتصادها, وهو انجاز لم تحققه سوى 3 دول فقط على مستوى العالم.
أيضا نجحت سياسات إصلاح نظم الضرائب والجمارك المصرية فى زيادة الموارد العامة, وتخفيض نسب الدين العام إلى الناتج من 120% إلى نحو 78% قبل الأزمة العالمية، كما تراجع عجز الموازنة العامة من 9.6% عام 2005 إلى نحو 6.8% عام 2008، وحتى خلال الأزمة العالمية حافظ عجز الموازنة الكلى على مستوى 7.9% فقط رغم زيادة الإنفاق العام لمواجهة تداعيات الأزمة وتحفيز الاقتصاد المصرى، وبالنسبة لحجم الاستثمارات الأجنبية فى السوق المصرية فقد ارتفع من 450 مليون دولار عام 2004 إلى أكثر من 13 مليار دولار عام 2008.
كما عرض التقرير بعض الملاحظات على دول التجمع فبالنسبة لكولومبيا أشار إلى أنها استغرقت وقتًا طويلا حتى تنسى شعبها الماضى الحافل بالأحداث الإرهابية, وتوجه نظرهم نحو السياسات الحكومية الواعدة والمحفزة لأنشطة الأعمال، فمنذ خمس سنوات قام الرئيس الكولومبى بتغيير نظم العمل وبدأ فى تشجيع الشركات الأجنبية على القدوم لبلاده للمساعدة فى تنمية مواردها من البترول، ثم قام بإعادة استثمار العائدات الدولارية من البترول داخليًا فى تحديث البنية الأساسية للبلاد وإيجاد المزيد من فرص العمل.
وبالنسبة لتركيا أكد التقرير أن الاقتصاد التركى يشهد مزيدًا من النمو مدعومًا فى الوقت الحالى بمجموعة من العوامل التى تبشر بنمو متزايد فى الأجل الطويل.
فالاقتصاد التركى هو سادس أضخم اقتصاد فى أوروبا وواحد من أكبر 20 اقتصادًا على مستوى العالم بنحو 615 مليار دولار عام 2009. ويبلغ متوسط دخل الفرد فى تركيا ما يزيد على 8700 دولار متفوقًا بذلك على مواطنى دول مجموعة الـبريكس BIRCs، التى تضم الهند والبرازيل والصين وروسيا، كما ارتفع الناتج الصناعى التركى بنسبة 21% خلال العام المنتهى فى مارس 2010. وتراجع معدل التضخم ليصل إلى 6.1% خلال العام الماضى بعد أن كان يزيد على الـ10% فى العام السابق. أما الدين العام فيقل عن مستوى 40% من الناتج المحلى الإجمالى.
وبينما تستقبل أوروبا ما يزيد على نصف الصادرات التركية، فقد أخذت الحكومة الحالية عدة خطوات لزيادة صادراتها لشركائها التجاريين فى منطقة الشرق الأوسط مثل السعودية والعراق ومصر كنوع من الوقاية فى مواجهة الاضطرابات الاقتصادية الأوروبية.
أما بالنسبة لاندونيسيا فقد وضعتها الأبعاد السكانية والموارد الطبيعية والاستقرار السياسى النسبى, الذى تتمتع به على أعتاب عقد من النمو الهائل. فقد تضاعف اقتصادها خلال الخمس سنوات الأخيرة وفى مدينة جاكارتا– ثانى أضخم تجمع حضرى بتعداد سكان يبلغ الـ23 مليون نسمة – ارتفع متوسط دخل الفرد بنسبة 11% سنويًا خلال الفترة من 2006 حتى 2009.
والأهم من ذلك أن هذا النمو قد تحقق من خلال أنشطة القطاع الخاص وليس من خلال الإنفاق الحكومى, حيث يشكل القطاع الخاص نحو 90% من الناتج المحلى الإجمالى الإندونيسى.
وقد تضاعف متوسط الدخل الفردى خلال السنوات الخمس الأخيرة ليصل إلى 2350 دولاراً فى السنة, ويشير البنك الألمانى إلى إمكانية زيادة هذا الرقم بنسبة 50% بنهاية العام المقبل.
وبالرغم من ذلك النمو فى الدخل، فإنه لا تزال إندونيسيا تحتفظ بأرخص عمالة فى منطقة آسيا– الباسيفيك وذلك وفقًا لمؤسسة جى بى مورجان، وقد اجتذب هذا الأمر الصناعات لتنتقل من الصين إلى إندونيسيا. ويُعد نمو العمالة أحد مفاتيح النمو الاقتصادى نظرًا لأن نصف سكان إندونيسيا يبلغون من العمر 25 عامًا أو أقل, وهو ما يشير إلى ارتفاع نسبة قوة العمل كنسبة من إجمالى السكان خلال العشرين عامًا المقبلة, مما سيزيد من مستويات الاستهلاك, ويبعث على مزيد من النمو الاقتصادى.
وبالنسبة لفيتنام أكد التقرير أنها شهدت نموًا اقتصاديًا متسارعًا فى السنوات الأخيرة, حيث اجتذبت عددًا من القواعد الصناعية من السوق الصينية ، وقد بلغ متوسط دخل الفرد بفيتنام العام الماضى 1050 دولارًا, وهو ما يزيد على خمس أضعاف نظيره فى منتصف التسعينيات، ويبلغ هذا الرقم فى هانوى نحو 2000 دولار وفقًا لبيانات الحكومة الفيتنامية.
ووفقًا لتصريح مجلس الذهب العالمى، فقد انعكس نمو الثروة على مشتريات الذهب فى فيتنام إذ زادت استثمارات التجزئة الصافية فى الذهب على الـ500 ألف أونصة خلال الربع الأول من عام 2010 بنسبة زيادة بلغت 36% عن نفس الفترة من عام 2009. وبالإضافة إلى ذلك فقد زاد الطلب على المشغولات الذهبية بنسبة 20%.