انخفض مستوى الملايين من أسر الطبقة المتوسطة المصرية نتيجة لإنخفاض قوتها الشرائية، ففي العقود الأربعة التي تلت إعلان الرئيس السابق أنور السادات عن سياسة "الإنفتاح" الاقتصادية، أغرق رأس المال الخاص مصر في اعقاب التدابير التي روجت للبلاد كدولة صديقة للملاك ووجهة استثمارية، وعاملين بأجور منخفضة.
وحصلت الشركات علي أراضي رخيصة، وإعفاءات ضريبية، وطاقة مدعومة، في حين قامت الدولة بكبح جماح انشطة النقابات وانتزاع معايير العمل.
وذكر محللون لوكالة "IPS" إنه تحت حكم مبارك، تم تثبيط العمال عن الانضمام إلى نقابات، واحدة من 24 نقابة تابعة للاتحاد العام لنقابات العمال المصرية، بل وأن هذا الاتحاد الضخم الذي تسيطر عليه الدولة يخدم مصالح الحكومة وأصحاب المصانع من خلال منع محاولات العمال للإضراب أو المشاركة في التفاوض الجماعي.
وكان قد تم حل مجلس الاتحاد العام بعد ثورة 2011، لكن العديد من رؤساء الاتحاد، الذين تم اختيارهم في انتخابات صورية على أساس ولائهم لنظام مبارك، ما زالوا في مكانهم، وما زال المنتسبون للاتحاد، والبالغ عددهم 3.5 مليون عضواً، يدفعون رسوم العضوية، لكنهم يحصلون على القليل من الفوائد أو الدعم في المقابل.
من جهته قال عامل النسيج، كريم البحيرى، البالغ 27 عامًا، وهو الآن مدير مشروع بمنظمة غير حكومية تساعد العمال على إنشاء النقابات، أن النقابات المدعومة من الدولة لم تحترم ابداً حقوق العمال.. ويضطر العمال لدفع مستحقات النقابة كل شهر.. لكن النقابات (الرسمية) تهتم فقط بدعم الحكومة وإدارة الشركات.
وكان البحيرى ضمن 24 ألف عاملا في مصنع النسيج التابع للدولة في مدينة المحلة الكبرى، شمال مصر، الذين تحدوا بهم رؤساء الاتحاد في إضراب ديسمبر 2006 بشأن المكافآت غير المدفوعة. وأثار ذلك التحدي موجة من الإضرابات العشوائية، التي ينظر اليها الآن على انها كانت حافزا للثورة الشعبية التي أنهت حكم مبارك.
هذا ولقد تواصلت موجة الإضرابات حتى يومنا هذا، لتشمل كل قطاع اقتصادي واقليم في البلاد. وشهد العام الماضي رقما قياسيا بلغ 1400 إجراءات جماعية، وفقا لأبناء الأرض، وهي المنظمة المحلية لحقوق الإنسان.
وأحد نتائج الاضطرابات العمالية هو أن العمال قد تشجعوا بشكل متزايد على تحدي هيمنة الاتحاد العام على الأنشطة النقابية، وقاموا بتنظيم أنفسهم في نقابات مستقلة تحمي مصالحهم، لا مصالح الدولة.
وتمكن العمال بالفعل من إنشاء أربع نقابات عمالية مستقلة قبل ثورة 2011، ثم تمكنوا من تشكيل أكثر من 800 نقابة في الأشهر الـ 18 الأخيرة، تمثل نحو 3 ملايين عامل.
ووفقاً لكمال أبو عيطة، رئيس الاتحاد المصري لنقابات العمال المستقلة، والذي يعتبر مظلة لمئات من النقابات المستقلة، "نحن نبني نقابات مستقلة وديمقراطية، مسؤولة أمام العمال وتمنحهم حقوقهم".
لكن المحللون يقولون أن النظام الجديد، مثله مثل النظام السابق، يريد الابقاء على سيطرته على العمال وتحكمه بهم.
أما الإخوان المسلمين، وهي الحركة التي يأتي منها الرئيس المصري الجديد، فلديهم مصالح تجارية واسعة وتاريخ طويل من الأنشطة المناهضة للاتحاد، وقد أبدى أعضاء الجماعة في الحكومة مؤشرات على استمرار سياسات النظام السابق الاقتصادية، الذي يقول منتقدوه انها تأتي على حساب أجور العمالة والأمن.
وتؤكد هدير حسن، الصحفية المتخصصة في الشؤون العمالية، أن الإخوان المسلمين لا يريدون نقابات قوية. . ويسمون العمال المضربين بـ" البلطجية".. ويرغبون في حظر تعدد النقابات داخل الاتحاد.
هذا وقد قدم وزير العمل المصري الجديد، وهو عضو بارز في الإخوان المسلمين ونائب سابق في الاتحاد العام، مشروع قانون يتطلب من عمال كل مؤسسة تحديد نقابة واحدة فقط لتمثيلهم. ويقول المدافعون عن حقوق العمال أن هذا القانون سوف يقضي على معظم النقابات المستقلة، التي تتواجد جنباً إلى جنب مع نظرائهم الأكبر في الاتحاد العام.