أعتقد أنى مدين فى هذا التوقيت بإعلان احترامى للفريق أحمد شفيق, رئيس الوزراء, الذى تقدم باستقالته, اليوم, رغم الثقة التى أشعر بأنها, بعد الاستقالة, كانت فى محلها، حيث إن الرجل برهن بها, ونزولاً على رغبة الشعب, بأنه لم يكن طامعاً فى المنصب، وأن التزامه بالبقاء فى هذا الموقع كان بوازع وطنى لا يقلل منه حلف اليمين أمام رئيس الجمهورية السابق, الذى سقطت شرعيته. الاستقالة جاءت لتؤكد أن النظام السياسى فى مصر تغير, وأن السيادة الحقيقية انتقلت إلى الشعب، وبالنسبة لى برهنت على أن "شفيق" هو أول رئيس وزراء يتعاطى مع الديمقراطية الحقة، ويُقْدِم على تقديم استقالته بالرغم من مساندة المؤسسة العسكرية له, وثقتها فى قدرته على إنجاز مهام الفترة الانتقالية نزولاً على رغبة الجماهير.
كان "شفيق" يرغب فى أخذ فرصته، وتقديم نموذج للانجاز تحفظه له الذاكرة الوطنية، ولكنه قدم ما هو أهم من ذلك فى هذه المرحلة بإشارته البليغة إلى أين تقبع الشرعية، وإلى من تدين مصر بالسيادة .. إلى هذا الشعب الذى آن الأوان أن تحترم إرادته .. هذا التصرف الراقى من رئيس وزراء مصر السابق يستحق عليه الثناء والتقدير.
وإذا كان "شفيق" قد فعل ذلك، فإن هذا الوضع ينبغى أن يؤسس لحالة وفاق وطنى، خاصة إذا ما تم عزل الوزراء, الذين لا يرضى الشعب عن وجودهم فى الحكومة أو احترامهم لأنفسهم بالمسارعة إلى تقديم استقالاتهم، إن هدف هذه الحالة فى المقام الأول وإلى حين تهيئة الظروف للاستحقاقات السياسة المقبلة- هو البدء فوراً بمواجهة الاستحقاقات الاقتصادية، حيث حذرنا رئيس الوزراء السابق قبل يومين ضمن ما حذر منه، وكان أكثرها خطورة حتى الآن باعتراف المجلس الأعلى للقوات المسلحة- من أزمة الوضع المالى للبلاد والصعوبات, التى تواجهها الحكومة فى تدبير الموارد اللازمة لصرف رواتب شهر فبراير المنتهى، وهو أمر بالغ الخطورة, لأن العديد من موارد الدولة بات معطلاً الآن مثل الرسوم الضريبية, التى تم تأجيلها، والرسوم الجمركية، والتأمينات التى تعانى من عدم الانتظام، وهى دورة متكاملة لن ينتظم جزء منها فى العمل حتى تعود الحياة الطبيعية للاقتصاد الوطنى.. وهو ما ينبغى أن ننشغل به الآن دون إبطاء أو تقصير.
سلاماً للفريق "شفيق" .. وللحديث بقية.