قالت وكالة "رويترز" فى تقرير لها إنه على الرغم من أن حالة الاضطراب السياسي التي تجتاح الدول العربية تبدو مخيفة، إلا أنها ستؤدي في نهاية المطاف إلى تدفق موجة جديدة من رؤوس الأموال الأجنبية للمنطقة، لا سيما وأن المستقبل ينتظر سيادة دولة القانون والعدالة والحريات، التي تنتهج معايير الشفافية والافصاح، مقابل انحسار الفساد والرشاوي والاجراءات البيروقراطية، وهي المعايير التي ينشدها أي مستثمر.
وأضاف التقرير: لقد قامت الاحتجاجات في دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا لتقاوم حالات الاحتكار والمحسوبية التي لطالما ترسخت في اقتصادات تلك الدول، لتفسح المجال في المنطقة إلى فتح الأسواق على أسس الشفافية والافصاح.
وطبقًا لما أفادت به وكالة "رويترز"، فإن دول الخليج الغنية مثل "الكويت" و"قطر" ستختلف استراتيجيتها ما بعد الثورة عن دولًا أخرى مثل "تونس" والتي من المحتمل أن تقوم بتخفيف الحواجز الحمائية سعيًا منها إلى تعجيل إعادة توزيع الدخل لمواطنيها بعد فترة من الاضطراب الاقتصادي ألقت بظلالها على أوضاعهم.
فانتصار الديمقراطية الحرة إنما يعني الاتجاه نحو سوق أكثر انفتاحًا، بعد عقود من الحكم الاستبدادي، فالأحزاب السياسية في مصر وتونس لم تكن تعني سوى بالاصلاح السياسي، وبرهنت الانتفاضة في ليبيا على دموية الحكم السياسي الذي طال أمده لمدة 42 عامًا.
من جانبها ذكرت "جوليان مايو" مدير قطاع الاستثمارات في مؤسسة "Charlemagne Capital" أنه من السابق لأوانه الحديث عن نتائج تلك الثورات وآفاقها على قطاع الاستثمارات، إلا أنها في الوقت ذاته تكشف عن بعض الفرص.
واعتبرت "مايو" أن الخصخصة على نطاق عريض قد تكون خارج جدول الأعمال الذي تنوي الدول انتهاجه، لاسيما في قطاعي النفط والغاز، مقابل وجود فرص في قطاعات الخدمات المالية والاتصالات والسياحة، والتي من المرجح أن يتم تحريرها.
كانت بيانات وكالة "تومسون رويترز" قد أظهرت أن الحكومات الاقليمية بالشرق الأوسط وشمال افريقيا تستحوذ على حصص في شركات مدرجة للتداول العام تصل قيمتها الاجمالية إلى 320 مليار دولار، سواء بامتلاكها بصورة مباشرة أو عبر حكام تلك الدول أو من خلال صناديق سيادية.
استثنت الدراسة الحالة التونسية، حيث توجد العديد من الشركات الخاصة التي يمتلكها أفراد من عائلة الرئيس التونسي المخلوع "زين العابدين بن على".
ولكن قالت الحكومة الانتقالية التونسية إن تلك الأصول والتي تتضمن شركات في قطاعات أساسية مثل التعدين والسياحة سيتم تعافيها في وقت لاحق.
حيث تهدف الحكومة إلى مضاعفة الجهود لجذب استثمارات أجنبية إلى البلاد-التي تسهم في 6% من إجمالي الناتج المحلي- لمعالجة مشكلة البطالة في البلاد، ولن يتم ذلك إلا بانتهاج معايير الشفافية والنزاهة.
وفي مصر، لا يعرف بعض المحللين ما إذا كان الجيش المصري – الذي تسلم الحكم لعد الانتفاضة الشعبية ضد الرئيس حسني مبارك - سيتخلى عن طيب خاطر عن السيطرة على المساحات الشاسعة من الشركات التي يتراوح نشاطها بين إنتاج زيت الزيتون وتصنيع السيارات، أم لا، لا سيما وأن تلك الشركات تدر أموالًا ضخمة على القطاع العسكري، ما يشير إلى احتمالية ضعيفة لخصخصتها، وفقًا لـ "برايان بلامونون" الخبير الاقتصادي بأسواق الشرق الأوسط وشمال افريقيا في "IHS Global Insight".