سد حلوان
مازالت قصص الجن والأرواح تشغل تفكير كثير من الناس، ففى عام 1906 اكتشفت البعثة الفرنسية وجود أول سد مائى فى التاريخ على بعد 15 كيلو من منطقة حلوان، ومن وقتها إلى الآن وحكايات كثيرة نسجها العرب المقيمون فى المنطقة وتناقلها الناس فى الجوار، هناك من يقول إنها منطقة تسكنها الأرواح الشريرة، وقصص أخرى تؤكد أنه فى الليالى القمرية عندما يمر شخص من هناك قد يتعرض لحادث ينهى حياته، والأسباب مجهولة، وكثير من القصص التى لا تمت للصحة من قريب أو بعيد سوى خيال الراوى الذى يساعده على غزل قصص المنطقة الصحراوية المهجورة التى يقع فيها السد.
يقول عم جابر الصعيدى "53" عاما، أحد حراس مشروع تحت الإنشاء يقع فى منطقة السد، "نقوم بإشعال النار فى الشتاء والصيف بعد مغيب الشمس فالمنطقة موحشة، وكثير ما تعرض أصدقاء لى يقومون بحراسة مشروعات أكثر قربا من السد من مشروعى للأذى أو السرقة على يد أشخاص ملثمين يكون هدفهم الأول التنقيب عن آثار تحت السد، وعندما لا يجدون شيئا لا يغادرون وأيديهم خالية يقومون بسرقة الكابلات أو الحديد من الشركات الموجودة فى المكان.
ويضيف الصعيدى المنطقة معروفة عند الجميع هنا بسد "الكفرة" والبعض يؤكد أن من يضل طريقة ويمر بها ليلا يسمع أصوات تتحدث لغة غير مفهومة على الأرجح أرواح الفراعنة الذين بنو السد، والحكومة تعلم ذلك لهذا لا يقتربون من هنا وكلما جاءت لجنة لتطوير المكان وإنارته يحدث شىء وتنصرف عنه فأنا أعمل فى هذه المنطقة منذ سنوات وقبلى والدى ومن قديم الزمان ونحن نسمع أن السياح ستأتى لزيارة المكان ولكن لا يحدث.
يلتقط طرف الحديث مسئول الآثار بمنطقة حلوان "مصطفى بدير" يقول تم تسجيل المكان باسم "سد حلوان" بهيئة الآثار كأول سد مائى تم بناؤه فى التاريخ، ولكن العامة يطلقون عليه "سد الكفرة" كونه بنى فى عصور قديمة لم تنتشر فيها الأديان.
وأول معرفتى بهذا المكان كان عام 1982 عندما كلفت بالعمل مع البعثة الألمانية التى جاءت إلى مصر لرفع مقاسات السد والعمل على تطويره ولكن المشروع توقف بسبب التكلفة المادية، وهناك بعثات عديدة جاءت ورفعت المقاسات، ولكنها توقف بسبب إجراءات قانونية أو تصريحات مما أشاع الكثير من الأقاويل أن الأرواح الشريرة تمنع كل من يأتى للعمل هنا أن يكمل عمله.
ثم يضيف أن السد غير مكتمل ولكن هناك بقايا له وهى الكتف البحرى الشرقى للسد وهو عبارة عن درجات من الحجر الجيرى أما باقى السد فقد تلاشى بفعل عوامل الجو والتعرية.
وعن الهدف الأساسى من إنشاء السد، يقول مصطفى بدير قام ببنائه المصرى القديم فى منطقة وادى "جراوى" والسيول أثرت فى تجريفه حيث كانت الأمطار تهبط بغزارة على قمم الجبال فيجرفها الوادى إلى السد، وقد كتبت العديد من التقارير تؤكد أن الهدف من بناء السد عند المصرى القديم لاتقاء شر السيول وتخزين الماء طوال العام للاستفادة منه فى أعمال الرى والزراعة، وأيضا لتسد احتياجات العمال الذين كانوا يقوموا بتقطيع أحجار المرمر الموجودة فى المكان لاستخدامها فى بناء الأهرامات والمعابد.
يختم مصطفى بدير حديثه، أن السد كان لابد أن يعامل على أنه أثر فرعونى مثله مثل الأهرامات وأبو الهول وقد قامت هيئة البحوث المائية ببناء سياج حديد حوله استعداد منها لتنميته، ليتحول إلى مزار سياحى وكان هذا قبل ثورة 25 يناير، ولم يكتمل المشروع وقام البعض بسرقة السياج الحديدى كون المكان يقع فى منطقة غير آهلة بالسكان، مما جعل هيئة الآثار تدرجه ضمن كشوف التفتيش لكى يمر عليه المفتشون من يوم إلى آخر وقريبا سيكتمل مشروع تطوير السد.