توقعت دراسة حديثة صادرة عن المركز الاقليمى للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة أن يُفضى إصلاح منظومة دعم الطاقة إلى توزيع أكفء للموارد يصب فى صالح زيادة الانفاق الانتاجي، ويرفع من معدلات النمو طويل الأجل.
وقالت الدراسة إنه من المتوقع ان يحقق هذا الإصلاح المزيد من العدالة الاجتماعية، إذا ما اقُترن باتخاذ تدابير لحماية الفئات الأضعف وتقوية شبكات الأمان الاجتماعي، علاوة على أن خفض أو إزاحة العبء المالى للدعم يساعد على خفض عجز الموازنة والدين العام، الأمر الذى يعطى دفعة قوية للاستثمارات الخاصة بالذات فى مصادر مستدامة للطاقة.
وقالت الدراسة التى أعدتها وحدة الدراسات الاقتصادية بالمركز وحملت عنوان " متاهة الإصلاح: تقييم خيارات الحكومة لفك شفرات دعم الطاقة فى مصر" ان الزيادات الجزئية المقررة على أسعار بعض منتجات الطاقة تعتبر مقبولة نسبياً، إذ أنها تتمتع بمنطق واضح وراء نسب رفع الأسعار الملائمة لكل منتج. إذ لا توجد ثمة مشكلة فى رفع أسعار السلع الأقل حساسية، والتى لا تشكل جانباً كبيراً من بنود إنفاق محدودى الدخل، مثل البنزين. حيث تعد العائلات الأكثر دخلاً هى المستفيد الأكبر من دعم البنزين، فمن بين 19 مليون أسرة مصرية توجد 1.5 مليون أسرة فقط تمتلك سيارة أو أكثر.
فى المقابل، يتوقع لزيادة سعر السولار - الذى يستحوذ على أكثر من نصف دعم الطاقة بمفرده- أن يؤثر على القاعدة الأوسع من الفئات الأكثر فقراً، بسبب استخدام أكثر من ثلاثة أرباعه فى قطاعات إنتاجية مؤثرة، تشمل الزراعة والصناعة والنقل والتجارة، ومن ثم فإن أى زيادة بسيطة فى سعر التداول ستنعكس فى ارتفاع تكاليف الإنتاج، وبما يرفع من معدلات التضخم الجامحة بالفعل، فى ظل عجز منظومة الرقابة الحالية عن ضبط الأسعار.
ورأت الدراسة ان قيام الحكومة بالبدء فى تنفيذ هذه الإصلاحات الاقتصادية ( المٌرة ) عقب تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى مقاليد البلاد -وفى ظل أرتفاع مخزونه الشعبي- فرصة جيدة للتقليل من غصة التكاليف، رغم عدم قيام الحكومة بعمل قياس رأى محايد لاختبار ردود فعل المجتمع إزاء خطة الإصلاح .
وأضافت : لكن على المستوى الاقتصادى لم يكن الشروع فى الإصلاحات دون إتباع منظومة شاملة للإجراءات المساعدة أمراً محموداً، فى ضوء تدهور معدلات النمو الاقتصادى والكساد، وبالذات فى المواسم التى ترتفع فيها الأسعار بشدة، مثل شهر رمضان، بسبب زيادة الطلب على المنتجات الأساسية ومنها الطاقة، فى ظل ضعف قدرة وعدم جاهزية المؤسسات التنفيذية بالدولة للسيطرة على ارتفاع الأسعار اللاحق لرفع الدعم الجزئي، وبحيث لا يتم نقل عبء الزيادة فى التكاليف من المنتجين والتجار إلى المستهلكين، فى ضوء انتشار وارتفاع تكلفة ممارسات الفساد الادارى فى مصر.
وخلصت دراسة المركز الى ان إصلاح منظومة دعم الطاقة المترهلة مهمة صعبة لكن لا غنى عنها لاسترداد نسق توازنات الاقتصاد الكلية، ويتحتم تضمين هذه الإصلاحات فى إطار خطة أشمل لإعادة الهيكلة الاقتصادية، وليس فقط لعلاج الاختلالات المالية المرهقة فى المدى القصير، وبصورة تعيد ترسيم شكل النظام الاقتصادى فى مصر على المدى الزمنى البعيد.