دقت دراسة بريطانية حديثة ناقوس الخطر بشأن انتشار الشعور بالوحدة والانعزالية بين البريطانيين، سواء بين الأزواج والشركاء أو بين الأبوين والأبناء فى البيت أو حتى بين الزملاء فى مجال العمل الواحد. وأفادت نتائج الدراسة عن العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع البريطانى بأن خمسة ملايين مواطن بريطانى يعيشون فى عزلة وانطواء عن الآخرين بلا أصحاب حقيقيين، أى أن أكثر من أربعة من بين كل عشرة بريطانيين ليس لديهم صديق مقرب من زملاء العمل. واكتشف البحث، الذى أجرته مؤسسة يتصل "ريليت" الخيرية التى توفر الدعم فى مجال العلاقات الإنسانية فى أنحاء المملكة، بأن أكثر من ثلث الآباء العاملين لا يرون أو يتحدثون إلى أطفالهم يوميا، لأنهم مشغولون للغاية فى مكاتبهم، لدرجة أن معظم العاملين تربطهم اتصالات أكبر مع رؤسائهم وزملائهم فى العمل أكثر من الأصدقاء أو أفراد اسرة الواحدة. وبالرغم من أن الأشخاص يمضون الكثير من الوقت فى مكان العمل أو الاتصال به، جزئيا من خلال البريد الإلكترونى أو الهواتف المحمولة، فإن أكثر من أربعة من كل عشرة أشخاص ليس لديهم صداقة حقيقية بزملاء العمل، وإجمالا فقد قال واحد تقريبا من بين كل عشرة أشخاص، إنه ليس لديه علاقات صداقة مقربة على الاطلاق أى ما يوازى 7ر4 مليون شخص إذا ما أخذت كنسبة للسكان البالغين. ورغم أن العمل يستغرق الجزء الأكبر من حياة الناس، فإن 42% من المشاركين فى البحث أكدوا أنهم لا يعتبرون أيا من زملائهم كصديق مقرب. وبينما قال 85% من الأشخاص المتزوجين أو الرفقاء، إنهم كانت لديهم علاقات جيدة، فإن واحدا من بين كل خمسة منهم اعترفوا بأنهم نادرا ما شعروا بأنهم "محبوبون" من شركائهم أو لم يشعروا بهذا الاحساس على الإطلاق. وشارك ما يزيد على خمسة آلاف بريطانى فى الاستطلاع الذى أجرته مؤسسة "يوجوف" لصالح الدراسة التى كلفتها بها مؤسسة "ريليت" ونظيرتها الإسكتلندية "ريليشنشيبس سكوتلاند" عن العلاقات الإنسانية والروابط بين الأزواج والأصدقاء والزملاء فى بريطانيا. ومن بين الأسئلة التى وجهت للمشاركين فى الاستطلاع، كم عدد المرات التى يلتقى فيها الأصدقاء أو الزملاء وسواء لقاءات مباشرة أم من خلال الهاتف أو الرسائل البريدية "إيميل" أو النصية أو حتى من خلال مواقع التواصل الاجتماعى ومدى شعورهم بالسعادة جراء هذه العلاقات الإنسانية فى حياتهم. الغريب أن 64% فقط من الذين لديهم أطفال قالوا إنهم يتصلون بأبنائهم أو بناتهم يوميا، بنفس مستوى الاتصال مع زملائهم فى العمل. يذكر أن الوزراء والمسئولين بالحكومة البريطانية يقودون حملة للمساعدة فى مكافحة ما يمكن أن يطلق عليه "وباء" الشعور بالوحدة بين كبار السن، إلا أن الدراسة بينت أن المشكلة تعتبر أيضا خطيرة بين أولئك ممن فى سن العمل، كما ذكرت صحيفة "ذا تليجراف" البريطانية. وخلص البحث إلى أنه رغم أن الصداقة والعلاقات الاجتماعية هى السند الذى يمكن أن نلجأ إليه فى السراء والضراء، فأنه من المقلق أن نجد الكثير من الأشخاص فى بريطانيا يشعرون بأن حياتهم تخلو من شخص يمكن اللجوء إليه خلال تحديات الحياة. كما أشار البحث إلى الاثار الاجتماعية السلبية جراء الطلاق بين الأبوين التى سرعان ما تنعكس سلبا على الأبناء وعلاقتهم بالأب والأم.