التاريخ : الاثنين 09 may 2011 06:06:23 مساءً
فى الوقت الذى تحاول فيه الحكومة جاهدة رأب الصدع الذى أصاب جدارن الاقتصاد، مُستخدمة فى ذلك جميع الأساليب المتاحة أمامها، يترآى فى الأفق من يمسكون بأيديهم معاول يهدمون بها كل ما تم ترميمه.. وبعيدًا عن المُسميات السياسية لمن يتربصون بمصالح الوطن سواء كانوا دُعاة لثورة مُضادة أو فلول لنظام بائد، بات الوضع جد خطير، وأضحت التوقعات لمستقبل البلاد لا ملامح لها سوى تجاعيد تكسو وجه أصابته الشيخوخة المُبكرة.. وكيف نتوقع الأفضل؟!، وكل ما حولنا من أحداث تشير إلى عكس ذلك بدءًا بالاعتصامات والاحتجاجات الفئوية التى برز من بينها ما هو مُبالغ فيه إضافة إلى تباطؤ عجلة الإنتاج، وحالة عدم الاستقرار الأمنى، والأحداث الطائفية التى أصبحت تهدد الاستقرار ومعها تتضاءل أي فرص للاندمال والانطلاق نحو آفاق التنمية.
ولو أننا طرحنا التوقع الأكثر تفاؤلاً لقدرة الاقتصاد المصرى على الاحتمال فى ظل مثل الظروف التى نعانى منها لما زادت على 9 أشهر، وأحد أبرز ما يُرجح ذلك أن الاحتياطيات النقدية أصبحت لا تغطى سوى 7 أشهر واردات سلعية وخلال هذه الفترة ستتآكل الاحتياطيات بالكامل ومن ثم سينهار سعر الصرف، وتتضاءل فرص المستوردين فى إتمام صفقاتهم، وترتفع معدلات التضخم بشكل غير مسبوق، وفى ظل تلك الظروف سينصرف المستثمرون عن السوق وترتفع معدلات البطالة وتسريح العمالة، وستصبح معدلات النمو بالسالب، فكل مقومات الاقتصاد مجموعة مُتراصة من قطع "الدومينو"، ونظرًا لضعف مؤسسات الدولة تخيّل ماذا يمكن أن يحدث وقتها فى خضم كل هذا !!.
وانطلاقًا من الرؤية السابقة والتى أجمع عليها مصرفيون خلال اجتماع جرى باتحاد البنوك منذ أيام فإنه لو لم يتم اتخاذ الاجراءات المناسبة لإنعاش الاقتصاد، والسيطرة على الأوضاع الأمنية، ودفع حالة الاستقرار، لانهار الوضع، وأصبحت محاولات الإصلاح بعد ذلك ضرب من الخيال.. لا نريد أن يأتى اليوم الذى لا ينفع فيه الندم، وأن نعود لنمجد عصر كانت مقوماته فساد بلا حدود، إلا أننا للأسف لا نفعل سوى المراوحة فى المكان، والدوران فى دوامة ستعصف بكل الأحلام والآمال التى اندلعت من اجلها الثورة.
كلنا يعلم أنه بدون الإستقرار لن يقدم المستثمرون على التوسع فى السوق، ولن تكون هناك استثمارات أجنبية، وسيظل قطاع السياحة فى مهب الريح، وستستمر احتياطياتنا من النقد الاجنبى فى التآكل، كلنا يعلم أنه بدون انتاج، سنعود لنمد أيدينا للخارج، ومن ثم ستفرض علينا الاشتراطات، وتضيع الهيبة التى يتباهى بها الجميع بعد الثورة، بماذا نشعر وماذا ننتظر حينما نعلم أننا خسرنا 8 مليارات دولار من الاحتياطيات الأجنبية، ومثلهم ودائع لم تدرج فى الاصول الاحتياطية، هل ننتظر المعجزة ووزارة المالية تقترض أسبوعيا 11 مليار جنيه محليا بخلاف اتجاه لعودة الاستدانة من الخارج، كيف سنقف على أرجلنا ونحقق التنمية التى حلمنا بها ومعدلات النمو الاقتصادى تقترب من الـ 2% ومعها سيسرح الاف العاملين، وتزيد معدلات الفقر.
البعض يعول كثيرا على امكانية استعادة أموال النظام السابق، متوهما أنها ستنعش خزينة الدولة، وستعيد الحياة للاقتصاد من جديد، وهم فى توهمهم كمن يبحث عن المصباح السحرى، فقط "يدعكه" بيديه، فيخرج الجنى الذى يحقق كل شىء بمجرد الأمر، بدون أدنى مجهود، وكما أن المصباح السحرى وهم، فإن عودة أموال الفاسدين بالسهولة والسرعة التى يتوقعها البعض مجرد وهم كبير، فكل القانونيين والمصرفيين يؤكدون أنها ستستغرق سنوات وليس هناك ضمانات كافية لعودتها، ويكفينا ان نعلم أن الرئيس العراقى الراحل صدام حسين كان يمتلك حسابات ببنوك أوروبا وأمريكا تقدر بنحو 40 مليار دولار، لم يسترد منها مليما واحدا بعد سقوط صدام.
فلنستيقظ من سباتنا قبل فوات الأوان.. لأن عداد عمر الوطن قد أوشك على التوقف.. وبأيدينا أن نعيد اليه الحياة.. وهناك أدوار لابد من تأديتها على وجه السرعة، على رأسها تشديد المجلس العسكرى والحكومة من الاجراءات الأمنية ومحاسبة كل المتسببين فى الاحداث الطائفية وملاحقة من يقفون ورائهم، تجميد الاحتجاجات الفئوية والعودة الى منظومة العمل، وذلك من خلال جهود لابد أن تقودها منظمات المجتمع المدنى والنقابات، وتدخل الحكومة لحل مشكلات العمال الملحة بشكل سريع، أن تقود البنوك مبادرات لحل مشكلات المستثمرين وضخ التمويلات المناسبة للمشروعات والمصانع كثيفة العمالة، لابد أن تعود هيبة الدولة والقانون.. وأن يتم تشديد العقوبة على كل من يعبث بأمن البلاد، واضافة الى ذلك لابد من تكثيف الجرعة التوعوية بوسائل الاعلام وان تكون هناك حملات منظمة لمواجهة الأفكار الظلامية، وكل من يريد مكاسب شخصية على حساب الوطن، لأننا لن نرضى أن يباع الوطن فى سوق النخاسة.
|