التاريخ : الأحد 11 september 2011 07:00:32 مساءً
أعلم ان كلامى للوهلة الأولى سيبدو معاداً بل ومبتذلاً لأننى سأتحدث عن تضحيات شهداء الثورة ومصابى الثورة ومن قبلهم مُعذَبى أمن الدولة والمناضلين على سلالم نقابتي الصحفيين والمحامين وكل انواع السلالم وكل من قال كلمة حق وأوذى فى نفسه واحبائه أو أكل عيشه بسببها .. أعلم أنه ليس بجديد أن أقول انه ليس من اجل ما يحدث الآن من فوضى وبلطجة وسرقات فى الشارع المصرى وكذلك لعب قذر سواء فى السياسة أوالإعلام راح من راح .. أعلم أنه معاد .. لكن سامحونى فلم اعد أستطيع السكوت و انا التى كنت مقتنعة منذ بدأت الثورة بكلمة احد الحكماء حين قال " الوقت عصيب وصمتك اغلى هدية فإن تكلمت، عليك أن تتق الله فيما تقول" لم اعد أطيق أى من مظاهر الوسخ السابق الذى تجرعناه وأصبح لحم اكتافنا من شره .. أصبحت هذه المظاهر تجرحنى أضعاف أضعاف ما كانت تفعل من قبل .. تنقلنى فى كل مرة الى الميدان حيث الدم الذكى المراق والعيون الطاهرة المتفجرة والعظام الصلبة المتكسرة والآهات فى المستشفيات والوجوه التى غابت ولا نعرف عنها شيئاً .. أعيشها كل مرة وكأننى أموت ميتة جديدة معهم وانا أتعلق بأمل التغيير .. راحوا جميعا حتى نشعر بقيمتنا ونكسر طوق تَقَزُمِنا الذى حبسنا فيه الفسدة عقوداً عديدة فى إغتيال نفسى وجسمانى بطئ للجمل المصرى. بالفعل هذا ما حدث والذى تصورت اننا وعيناه بعد الثورة وأن ردنا الوحيد على هذا هو بالثورة على انفسنا .. على ما طالنا من فساد داخلى .. على المسخ الذى عشش بداخلنا ومص دمائنا. لكن أخشى أن التدمير الذى أصاب جيلين كاملين من المصريين يبدو أقوى من عدة آلاف راحوا او أصيبوا .. فليس من أجل أن ينضحك على عقولنا بدعاية شركة بيبسى وبفستان بمبى نفتح له افواهنا طوال الشهر الكريم ,وننسى أن الفساتين سندفع ثمنها بإتصالنل ونصدق بملء إرادتنا أن الحداية أصبحت ترمي لنا الكتاكيت وترعاهم أيضاً راح من راح. والمؤسف أن من فعل هذا شخصية موهوبة مثل دنيا سمير غانم .. وليس من أجل أن يرقص سعد الصغير بمؤخرته ونرى إعلانات فيلم العيد المقززة تخرج علينا من غرف النوم ونحن فى نص هدومنا راح من راح و المؤسف ان تدرك ان البلد مليئة بالفلوس للإنتاج السينمائى بينما كل ماعدا ذلك شبه متوقف .. وليس من أجل أن تتحول شوارعنا الى غابة من القمامة والخناق والبلطجة والسرقة و الترويع راح من راح و الغريب انه لو صدقت النوايا ستعود الشوارع نظيفة ومحمية مثلما كانت أيام الثورة .. وليس من أجل مسلسلات مثل سمارة و كيد النسا وبرامج صفراء تناقش أدوية رجال الرئيس وعدد مرات دخولهم الحمام و .. و .. و .. ليس من أجل هذا راح من راح .. أبداً .. عار علينا أكثر من أى وقت مضى. كان دائماً عاراً علينا أن نصمت .. أن نتركههم يغتصبوننا كل هذه المرات ويقتلوننا كل هذه المرات ويشوهوننا كل هذه المرات بحجة اننا نريد ان نعيش ونحن الموتى بالفعل والآن بعد أن راح من راح وفى دمائهم بذور لحياة جديدة أرادوها لنا .. مثل حبات قمح قدموها لنا لنعيش .. لم يعد من الإنسانى أن نصمت وننحدر أكثر من هذا. يقولها المولى عزوجل وقوله الحق "لايغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" .. قالتها لى صديقتى اللبنانية التى تحب مصر أكثر من أهلها " عيب المصريين أنهم عندما ينظرون فى المرآة لايرون قيمتهم الحقيقية العظيمة" وقالتها لى صديقتى السعودية " لوراحت مصر .. راحوا العرب" ونحن نصر على ان نأخذ من الأرض ونلطخ رؤوسنا لأن بعضنا بات مقتنعا ان الوسخ هو قيمتنا الحقيقية .. ليس من اجل ان ينتصر الفسدة من وراء القضبان وحراميها فى زى حاميها ويضحكون جميعاً على ما نحن فيه من خيبة وتخبط راح من راح .. ليس من أجل ان نعتقد أن ما نحن فيه هو نتيجة للثورة وليس نتيجة ثلاثة عقود من التدمير المنظم لبنية الدولة وبنية الناس راح من راح .. ليس من أجل أن تعود سيناء محتلة قد راح من راح. ألم يأن الأوان بالفعل كى نؤمن بقدراتنا و نحاول ان نعالج تشوهاتنا و نتغير؟ إن لم يكن من اجل أنفسنا فمن أجل من راح. اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - ليس من أجل هذا!
|