التاريخ : الأحد 11 september 2011 07:36:37 مساءً
يتناول العديد من الكتابات المصرفية التى صدرت مؤخراً الفلسفة الإدارية الحديثة لإدارة البنوك وكذلك التوجهات والممارسات الإدارية المرتبطة بها، وتُجمع تلك الكتابات على أن الفلسفة الإدارية الحديثة والمفاهيم المرتبطة بها ليست مجرد كلمات أو مصطلحات، إن قيمتها الفعلية تنبع من إستخدامها وتحويلها إلى أداء، وفى هذا السياق يبرز تساؤل أساسي يدور حول الشكل الجديد الذي يجب أن تكون علية بنوك اليوم والذي يتواكب معه تطبيق تلك الفلسفة الإدارية الحديثة. ويجب التأكيد هنا بداية على أنة لا يوجد ما يمكن إن نسميه بالهيكل المثالي للتنظيم ولا الشكل المثالي لأى بنك ، ولكن ذلك يتوقف على عوامل عدة من بينها تطور نظم المعلومات داخل البنوك ومدى توافر قنوات سهلة للإتصال، كذلك مدى توافر عامل الحاجة للإنجاز سواء عند الرؤساء أو المرؤوسين. وهنا يجب التركيز على عدد من المؤشرات التي يمكن أن تحدد مدى الحاجة إلى تطبيق الفلسفة الإدارية الحديثة ويمكن من خلالها التنبؤ بدرجة نجاحها، ومن بين تلك المؤشرات حجم البنك ومدى إنتشاره الجغرافى – عدد الإدارات التى يتضمنها الهيكل التنظيمى للبنك - نطاق الإشراف المتبع - درجة النمطية في الخدمات التى تقدم والأعمال التى تؤدى - مدى التشابك والتداخل بين الإدارات المختلفة داخل البنك والتى تؤثر على طريقة إتخاذ القرارات. وفى هذا السياق يمكن القول إن أكبر المشاكل التي تواجه بنوك اليوم عند تطبيقها للفلسفة الإدارية الحديثة يكمن في المستويات الإدارية العليا وليست فى المستويات الوسطى أو الدنيا، حيث أن مشكلة المستويات الإدارية العليا داخل البنوك أنها دائماً ما تتحدث عن الصعاب التي تواجهها دون أن تقدم أبسط الحلول، ألا وهى تنمية وتطوير قيادات المستويات الإدارية التالية لها لتحمل عبء العمل والمسئولية. لقد أدى ظهور فلسفة إدارية حديثة لإدارة البنوك وكذلك ظهور العديد من المفاهيم الإدارية المرتبطة بها إلى إعادة النظر فى العديد من من التوجهات والممارسات الإدارية. فلقد تغيرت نظرة الإدارة للإختيار بين تطبيق مفهوم المركزية أو تطبيق مفهوم اللامركزية إلى نظرة أكثر شمولاً تنطوي على ضرورة أن يجنى البنك ثمار تطبيق مفهوم المركزية ومفهوم اللامركزية معاً والفضل في هذا يعود لتطور نظم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وقد تغيرت النظرة من أن المدير هو فقط الذي يستطيع القيام بالأعمال المعقدة إلى نظرة أكثر شمولاً تنطوي على إمكانية القيام بالأعمال المعقدة من قبل الموظف العادي داخل البنك والفضل في هذا يعود لتطور نظم الخبرة. إن التحدي الأكبر الذي يواجه البنوك اليوم يتمثل في الوصول إلى مستويات إدارية ليس لديها فقط قدرات ومهارات إدارية ، بل لديها أيضا قدرات ومهارات قيادية، حيث إن وجود الجانب الإداري فقط يؤدى إلى الجمود وعدم مسايرة التقدم نظرا للتركيز على التفاصيل والتمسك باللوائح والقوانين ومن ثم إجهاض أى محاولات للتحديث والابتكار، كما إن وجود الجانب القيادي فقط دون الجانب الإداري يجعل التركيز على الصورة العامة ويفجر الطاقات دون التقيد بقواعد الرقابة. وعلى الرغم مما ذكر من تغير النظرة إلى المدير بأنة ليس بالضرورة هو الخبير داخل البنك وذلك نظراً لتطور نظم الخبرة بالإضافة الى التطور المذهل فى نظم دعم إتخاذ القرار، إلا أن ذلك لا ينفى أو يتعارض مع كون العقلية التي يفكر بها المدير وتصرفاته وسلوكياته فى التعامل مع الآخرين هي التي تمثل الرصيد الأساسي لدورة داخل البنك . إنها أحد القضايا الهامة التي تواجه المستويات القيادية العليا داخل البنوك وتحتاج إلى إعادة التفكير
|