التاريخ : الأحد 18 september 2011 03:10:49 صباحاً
بعيدا عن المشاحنات والمليونيات والدستور والانتخابات هناك حالة من الضبابية والغموض تسيطر على جميع اطراف المشهد السياسي، سواء المجلس العسكرى او الثوار او المرشحين للرئاسة ،فالمجلس العسكرى يتبنى سياسات وقوانين لها من سوء السمعة ما يجعل الجميع يتعجب من الامر، فمثلا قانون الانتخابات الجديد الذى قدمه المجلس تشتم فيه رائحة السياسي الفاشل احمد عز وترزى القانون فتحى سرور وتحلق فوقهما روح المرحوم كمال الشاذلى ، وللاسف المجلس كان يصر عليه ولا اعلم هل لعدم خبرتة بالعمل السياسي؟ ام بتضليل من المستشاريين السياسيين للمجلس ام ان الامر مقصود؟ وبالطبع المجلس لن يرد على اى من هذه التساؤلات لتظل الضبابية هى الحاكمة فى المشهد السياسي.
على الجانب الاخر الثوار بكافة اطيافهم يثيرون مزيدا من الغموض والضبابية فالاخوان مثلا يرتمون فى احضان المجلس العسكرى بلا مبرر منطقى، ثم ينتفضون فجأة ويهددون المجلس العسكرى بعد جمعة 9/9 بلا مبرر منطقى ايضا ،وموقفهم مغضوب عليه من باقى التيارات السياسية التى ترى ان الاخوان يبحثون عن مصلحتهم الخاصة فقط .
اما اليسار والليبرالين فهم يعلمون جيدا انه ليس لديهم حظوظ فى الانتخابات القادمة (حتى لو تمت بعد عشر سنين ) لانهم اساتذة فى الكتابة والمواجهات الفضائية ولكن بدون رصيد فى الشارع ، وعلى ذلك فالكراسى التى يتم ضربها فى كلوب الاستقرار المصرى كثيرة، بعضها بدون وجه حق مثل الدستور اولا وبعضها بحق مثل رفض المحاكمات العسكرية وغيرها، والمحصلة مزيدا من الضبابية والغموض.
حتى التيار السلفى فى مصر فقد نجح هو الاخر فى تشويه نفسه وصورته امام الرأى العام المصرى بعد ان تسبب عدد كبير من شيوخ السلفية بعقليتهم الغير سياسية فى اكتساب عداء عددا كبيرا وضخما من ابناء الشعب المصرى مسلمين واقباط.
اما من قاموا بالثورة فعلا من المصريين العاديين الغير مسيسين اساسا فقد اندثروا بعد ان اقتحمت هذه التيارات المشهد.
اما السادة المرشحون للرئاسة فمازال معظمهم يمارس سياسة الدنيا رايحة فين، لو الميدان عدده كبير ومنتصر يبقوا مع الميدان، لو العكس يصبحوا ضده لكن هل لاحد منهم رؤية حقيقية حتى لو تسببت رؤيته فى اغضاب البعض؟ للاسف لا
واحد مثل الدكتور البرادعى ظل فى المغارة اثناء جمعه 9/9 وخرج على تويتر بعد ان عرف اتجاه الريح وبدأ( يتوت ) وللاسف مازلت ارى ان لا احد منهم حتى الان قدم مسوغات اختياره رئيسا لمصر.
ووسط كل هذه الضبابية تقف دولة اسمها مصر تنتظر من ينقذها لا من يستعمرها بافكاره واتجاهاته السياسية ، مصر الان امام مفترق طرق كبير واما ان تضيع ولا يعلم احدا الا الله متى سترجع ،واما ان يرسل الله لها من يقودها بحكمة لإاستعادة مكانها ودورها الريادى والاممى.
لذلك رسالتى الى جميع القوى الوطنية فى مصر ليس هذا وقت اغتنام الفرص والنظر تحت الاقدام بحثا عن غنائم قليلة ومحدودة، هذا وقت بناء دولة وعندما تنتهى من مرحلة البناء دعونا نتخانق ونتحالف مع وضد ويشتم بعضنا بعضا ونتعارك بالشوم على من يسكن هذا الطابق او ذاك او من يفرض سيطرته وسطوته ،لاننا سنكون وقتها امام بناء قوى متماسك لن ينهار، اما ان نقف على اطلال خرابة نتخانق على من يسكنها فهذا هو الجنون بعينه.
ولتبقى نقطة معلومة ومهمة نستطيع ان نستقيها من تاريخنا الطويل، مصر لن تتحول الى دولة ملحدة تباع فيها النساء فى الفتارين وتراق فيها الخمر انهارا، ولن تتحول ايضا الى دولة منغلقة يقف فيها البعض على النواصى يفتش فى الثياب وفى العقول على الايمان.
إرحموا مصر وانقذوها ويكفى كل الضبابية والتلون من الجميع، يجب ان نصارح بعضنا البعض داخل الوطن ، واعلموا ان بناء الدولة هو الاهم ، البناء يجب ان يقوم على الاسس العلمية والحضارية والقيم الدينية والانسانية النبيلة، وان نتكاتف كتابا وثوارا ومجلس ومرشحين لبناء مصر، وان ننحى الاطماع الشخصية والعقائد السياسية جانبا ،وان نبنى أولا ثم نفكر فى الصراع فيما بعد، بدلا من ان تنهد البلد على رؤسنا جميعا.
|