التاريخ : الاثنين 19 september 2011 12:06:14 صباحاً
جاء التوجه الذى تبنته الحكومة المصرية الحالية برفع الحد الأدنى للأجور مع وضع حد أقصى لها ليساند ويحقق الشعار الذى رفعه المتظاهرون أثناء ثورة يناير المجيدة والذى تلخص فى "تغيير- حرية - عدالة اجتماعية".
وفى هذا السياق تأتى التصريحات التى يدلى بها رئيس الوزراء ونائبه للشئون الاقتصادية الدكتور حازم الببلاوى لتؤكد العزم والإصرار على ضرورة تحقيق الإنضباط وإزالة التشوهات التى يتضمنها هيكل الأجور وأيضاً الفوضى التى يبدو عليها مستوى المرتبات بالقطاعات المختلفة للدولة.
وقد جاء إلتزام الحكومة بتنفيذ ذلك التوجه من خلال رفع الحد الأدنى للأجور ليصل الى سبعمائة جنيه تنفذ من العام الحالى يعقبها زيادات سنوية متتالية ليصل الحد الأدنى للأجور الى ألف ومائتان جنيهاً على مدار الخمس سنوات القادمة وذلك فى ضوء ما يمكن أن تتحمله الموازنة العامة للدولة خاصة فى ظل المشاكل التى يعانى منها الإقتصاد المصرى فى ظل الأوضاع الراهنة.
وقد جاء إلتزام الحكومة بتنفيذ شعار الثورة وتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية من خلال وضع حد أقصى للمرتبات يعادل ستة وثلاثون ضعف الحد الأدنى للأجور.
وتزامناً مع هذا يأتى توجه الحكومة أيضاً بإعادة النظر فى إستعانة المؤسسات المختلفة للدولة بالمستشاريين الذين تخطوا السن القانونية وتمكين المؤسسات المختلفة من الإعتماد على قدراتها الذاتية وإعطاء الفرصة للشباب للدفع بهم فى المواقع المختلفة.
ومثلما يوجد ثورة توجد ثورة مضادة، وفى مواجة توجهات الحكومة وتصريحاتها تأتى توجهات وتصريحات مضادة كأفضل تعبير عن الثورة المضادة، وقد جاءت هذه المرة على لسان محافظ البنك المركزى ونائبه لتؤكد على عدم إقتناعهم بتلك التوجهات وعدم الإلتزام بتنفيذها، ويأتى هذا مع قرب إتخاذ قرار بإعادة تشكيل مجالس ادارات البنوك العامة.
وهنا يبقى التساؤل من هو صاحب القرار فى إختيار قيادات البنوك العامة وتحديد مستحقاتهم المالية، هل هى الحكومة بصفتها المالك أم هو البنك المركزى بصفته الرقيب.
لقد حسم الأمر، فإختيار رئيس وأعضاء مجالس إدارات البنوك العامة يتم بقرار من رئيس مجلس الوزراء بعد أخذ رأى محافظ البنك المركزى وفقاً لنص المادة 90 من قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد رقم "88" لسنة 2003.
ومع هذا الحسم فقد يبدو فى الأفق صراع سوف يحتدم بين رئيس مجلس الوزراء ونائبه من ناحية وبين محافظ البنك المركزى ونائبه من ناحية أخرى، صراع بين القيادات التى أتى بها الثوار لتعبر عن توجهات وممارسات جديدة وبين تلك القيادات التى مازالت تدير وتهيمن على القطاع المصرفى منذ تم إختيارها من قبل لجنة سياسات الحزب المنحل.
وعلى ما يبدو فسوف يستمر الصراع بين الثورة والثورة المضادة وتستمر معه حالة الإحتقان داخل الجهاز المصرفى، والتى تعددت مظاهرها فى الآونة الأخيرة من إضرابات وإعتصامات إجتاحت كافة البنوك، كلها ناتجة عن عدم الرضاء عن تلك القيادات وعدم الإتفاق مع توجهاتها وممارساتها.
إن التحدي الأكبر الذي أصبح يواجه المجلس الأعلى للقوات المسلحة بصفته القائم على سدة الحكم فى مصر الآن وكذلك الحكومة المصرية يتمثل فى ضرورة البحث عن قيادات مصرفية جديدة تساعد على فهم وتبنى مبادىء الثورة بالشكل الذى يقلل من حالة الإحتقان داخل الجهاز المصرفى.
إنها أحد القضايا الهامة التي تواجه المجلس الأعلى للقوات المسلحة ومجلس الوزراء وتحتاج إلى إعادة التفكير.
|