التاريخ : الجمعة 23 september 2011 06:22:24 مساءً
"لا يوجد بالإسكندرية ضباط بهذه الأسماء ولم يتم العثور عليهم في كشوف الضباط الذين خدموا بالمحافظة أو حتي بجهاز أمن الدولة المنحل".. هكذا ردّت إدارة الشئون القانونية بمديرية أمن الإسكندرية على خطاب النيابة العامة بضبط وإحضار ثلاثة من ضباط جهاز أمن الدولة السابق للتحقيق معهم في مُلابسات مقتل الشاب السلفى السيد بلال خلال التحقيق معه فى قضية تفجيرات "كنيسة القديسين" ليلة رأس السنة الماضية.
ثم نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط تعليقًا لأحد المصادر الأمنية نشرته بوابة الوفد الالكترونية، يقول فيه إن أسماء الضباط المُتهمين بالتعذيب حتى القتل ربما تكون مُستعارة، وأنهم كانوا يستعملونها أثناء استجواب المُتهمين في القضايا المختلفة، وبالتالى فمن الصعب العثور علي أصحاب تلك الأسماء نظرًا لعدم ورودها في سجلات رسمية.
وإذا كنّا قد تعجبنا من تصريحات الوزير اللواء منصور العيسوى التى قال فيها إنه لا يوجد لدى وزارة الداخلية "قناصة" حتى يقومون بقتل الثوار فى التحرير، فإن عجبًا عُجابا آخر جاء إلينا من الإسكندرية، وهو استخدام ضباط أمن الدولة أسماء مُستعارة أثناء عملهم الرسمى، وخلال القيام بمهامهم المقدسة فى القتل والتعذيب لانتزاع الأقوال والاعترافات.
هكذا ضاع حق السيد بلال.. ليس لأنه لم يمت من جراء التعذيب فعلاً.. ولكن لأن الدولة التى يعيش فيها -قبل وبعد الثورة- تعجز عن إثبات أن من قتلوه لهم وجود حقيقى ويستحقون المساءلة والتحقيق معهم بصفتهم مُتهمين بالقتل، ولأن هناك من قرّر أن يغمض عينيه ويقول: "ما عندناش حد بالاسم ده".. رغم أنه من السهل تحديد جهة التحقيق وتاريخه من واقع محاضر التحقيق التى يفترض أن تُذكر فيها الأسماء الحقيقية لهؤلاء الضباط، ومُخاطبة كبار المسئولين فى جهاز الأمن الوطنى، الذى يمثل جهة عمل المتهمين والتى منحتهم تلك القوة والجبروت فى التنكيل بالناس.
وإذا كان إخوة السيد بلال فى الله من السلفيين بالإسكندرية، قد خذلوه فور مقتله بتجاهلهم المطالبة بالقصاص وركونهم إلى الاستسلام والتراخى خوفًا من بطش الأمن وجبروت الحاكم ولأسباب أخرى ذكرها شيخه "ياسر برهامى" فى خطبة مصوّرة ومطولة برر فيها صمت جماعته، فإن من نصروه كانوا هم شباب حركتى "6 أبريل" و"كفاية" التى سافر بعض أعضائها من القاهرة للتضامن مع أسرته والبحث عن قاتله، واتهموا الرئيس المخلوع ووزيره السفاح بالمسئولية عن مقتل "بلال".
واليوم وبعد أن تغيّرت الأحوال، وبينما يرى سلفيو الإسكندرية ومن على شاكلتهم، أن شباب 6 أبريل وغيرها من الحركات مجرد خصوم سياسيين متهمين بالعمالة والكفر وتلقى التمويل، فإن حق سيد بلال فى القصاص سيضيع مرة أخرى، لأن من قتلوه كانوا يعذبونه بأسماء مُستعارة، وأن وزارة الداخلية لا تعلم مَنْ مِنْ رجالها ارتكب هذا الجُرم، ولأن جماعة "السيد بلال" صارت حزبًا.. وللحزب خطة وسياسية.. والسياسة قذرة كلها مصالح وتوازنات ومواءمات.. ولأن من ناصروه وطالبوا بالقصاص له بالأمس، صاروا خصومًا لن يسمح لهم بالمطالبة بحقه خشية الاستغلال السياسي.
ألا لعنة الله على السياسة التى تذل العباد.. وتحنى الرقاب.. ولعنة الله على المقاعد التى كانت تُقعِد الناس بالأمس عن قول الحق فى وجه سلطان جائر.. وتقعدهم اليوم عن قول الحق حتى بلوغ مرتبة "السلطان الجائر".
|