التاريخ : الاثنين 03 october 2011 06:00:46 مساءً
أضحت التجربة الماليزية فى التنمية تمثل نموذجًا يخطف الأبصار نظرًا لنجاحاتها المتتالية وإنجازاتها المُتسارعة الواحدة تلو الأخرى والتى يتوقع أن تنتقل ماليزيا من خلالها إلى مصاف الدول المُتقدمة وفقًا لما عُرف برؤية 2020 وهى تلك الخطة الطموح التى وضعتها القيادة الماليزية للمضى قدمًا على درب النمو والتقدم.
ولعل من هذا المنطلق كان الاهتمام المتنامى بالتجربة الماليزية التى اقتصرت بداياتها على المجال الزراعي، حيث لم تكن ماليزيا سوى دولة زراعية فقيرة تعتمد على المطاط إضافة إلى استخراج القصدير فإذا بها تصبح الآن إحدى الدول الصناعية من الجيل الثانى بعد النمور الآسيوية.
والواقع أن النموذج الماليزى للتنمية قد اكتسب تميزه على المستويين الإقليمى والعالمى من خلال إدراكنا للدور المهم الذى قامت به الدولة الماليزية فى تخطيط وتنفيذ ومتابعة عملية التنمية، بحيث يمكن القول بأن القيادة الماليزية كانت ومازالت لها دور محورى وفاعل فى قيادة قاطرة النمو؛ حيث عادة ما يكون للقيادة السياسية الناجحة رؤية محددة تتيح لها الاختيار بين مجموعة البدائل المتاحة ثم تنفيذ سياساتها فى التوقيتات المناسبة ، بالإضافة إلى أنه لا يخفى عن الأنظار أهمية التخطيط الدقيق الذى يأخذ فى حسبانه طبيعة احتياجات الواقع الماليزى بما يضمن عدم تصاعد وتعقد الأزمات مع متابعة مستمرة للإنجازات المحققة فضلاً عن الإعلاء من قيمة الاعتماد على الذات.
وتجدر الإشارة فى ذات السياق إلى أن ماليزيا فى سعيها لتحقيق انطلاقتها الاقتصادية المتميزة قد حرصت على الجمع بين أصالة التراث الماليزى وبين المعاصرة التى تتمثل فى تقدمها الهائل على المستوى التكنولوجى بحيث يمكن القول بأن ماليزيا استطاعت أن تقدم نموذجًا تنمويًا فريدًا يجمع بين أصالة التراث الماليزى وحداثة التكنولوجيا المعاصرة.
وفى سياق متصل يأتى دور القيم الماليزية فى إطار ما يعرف بالقيم الآسيوية التى تتمسك بها ماليزيا والتى تشكل مع القيم الإسلامية خليطًا متميزًا قاد ماليزيا إلى نجاحات متتالية بحيث لم تمثل فى أى مرحلة عائقًا نحو مزيد من التقدم فى مجتمع متعدد العرقيات، كما تؤكد هذه المنظومة القيمة أهمية الإنجاز والعمل الجماعى وقيمة الاتفاق مع احترام القيادة فى ظل "هيراركية" واضحة المعالم والقسمات.
وخلاصة القول، فإن التطرق لأى تجربة تنموية رائدة عادة ما يُثير فى الأذهان مدى إمكانية تطبيق بعض ملامحها وقسماتها على الواقع المصرى باعتبار أن هذا الأخير هو محور اهتمامنا وشغلنا الشاغل .
ومن هذا المنطلق وآملاً فى أن نقتدى ببعض أسس وركائز هذه التجربة الماليزية فسوف أحاول بإذن الله فى المقالات التالية استجلاء عوامل النجاح فى تلك التجربة فى مجالات التعليم والاقتصاد والسياسة، موضحًا مدى إمكانية تطبيقها على الواقع المصرى رغبة فى غدٍ أفضل ومستقبل مُشرق لمصرنا الغالية.
|