التاريخ : الثلاثاء 04 october 2011 02:08:58 مساءً
حقيقة.. كنت أخشى أن تؤثر الأزمة التى مرَّ بها الدكتور إبراهيم أبوالعيش، رائد الزراعة الحيوية والتنمية الإنسانية فى مصر، على طموحه وحبه للحياة، أو أن تكسر فيه عزمه على العمل وسعيه للتغيير الحقيقى.
ودون أى تهويل أو مُبالغة، كنت أخاف على مصر من أن تفقد، فى عز "ثورتها"، أفكارًا كنّا نحتاج لـ"ثورة" حتى تخرج الى العلن، دون أن يُحاربها الروتين، ويحاصرها الفساد، وتُحد من قوتها بلطجة الدولة.
وكم أسعدنى أن واصلت مؤسسات الدكتور أبوالعيش العمل بكل قوتها، فأكاديمية "هليوبوليس للعلوم" أعلنت عن اكتشافها علاجًا حيويًا لأحد أخطر الآفات الزراعية، التى سترفع من إنتاجية الطماطم المصرية بنسبة 60%، وها هى مُبادرة "سيكم" للتنمية المستدامة تصدر تقريرها السنوى لعام 2010، وتقول فى مُقدمته إنها تسعى من وراء هذا التقرير إلى رصد أوجه الاستفادة المُحققة من تطبيق مفهوم التنمية المستدامة فى شتى المجالات، فى إطار سعيها المتواصل نحو دفع عجلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية إلى الأمام، والاستفادة من جميع الإمكانات البيئية من هواء وماء وطاقة وتربة، وترسيخ مبدأ التنمية، وتغيير كل ما حال دون تقدّم البلاد قبيل ثورة 25 يناير.
لم يوقف "آل أبوالعيش" ومجتمع العاملين بمُبادرة "سيكم" وشركاتها ومؤسساتها العملية والبحثية والثقافية والبيئية العمل، ولم يُجمّدوا استثماراتهم التى تقدّر بالمليارات، بل أنجزوا أسرع عملية استشفاء بعد الثورة، وواصلوا العطاء، فهذا قدرهم وتلك مسيرتهم.
وسريعًا عاد التقدير الدولى لهذا المجتمع المنجز والقائمين عليه.. وها هى الجمعية الألمانية للإدارة البيئية تمنح جائزتها السنوية إلى الدكتور إبراهيم أبوالعيش فى سبتمبر الماضى بمدينة هامبورج، بحضور رسمى مُمثل فى وزير البيئة الألمانى وعمدة المدينة، لدعمه منهج التنمية المستدامة فى منطقة الشرق الأوسط، بتأسيسه مُبادرة "سيكم" للتنمية المستدامة عام 1977، والتى قامت على أساسها كيانات اقتصادية فى مجالات متنوعة، فضلاً عن مؤسسات اجتماعية تنموية، ومنظمات غير هادفة للربح، ومدارس، مؤسسات تدريبية.
وفى الشهر نفسه تختار دراسة للمنتدى الاقتصادى العالمى The World Economic Forum، "سيكم - مصر" من بين أفضل 16 شركة -تم اختيارها من بين 1000 شركة- فى الدول النامية لحرصها الكبير على البيئة، والتصدى بشكل فعّال للتحديات الاجتماعية.
التقيت الدكتور إبراهيم أبوالعيش، مؤسس مبادرة سيكم للتنمية، قبل أكثر من 10 سنوات.. وكانت المرة الأولى التى أسمع فيها عن "الزراعة الحيوية" التى تحترم البيئة وتصونها، وتخاف على صحة الإنسان من السموم والمبيدات، ثم كانت هى المرة الأولى التى سمعت فيها عن التنمية المستدامة ومفاهيم المسئولية الاجتماعية للشركات وعن "بصمة الكربون" لكل إنسان وكيف يمكن إدارتها وحساب تأثيرها على ظاهرة الانبعاث الحرارى التى نعانى منها.
خلال السنوات الماضية تعرفت عن قُرب على كل الأزمات التى مرت بها تلك المُبادرة من البداية.. وكيف نجح "آل أبوالعيش" وكل أسرة "سيكم" التى تضم أكثر من 2000 عامل فى محاربة الكسبان الرملية لتحويلها إلى اللون الأخضر، وهضم "الزلط" من أجل بلوغ النجاح، لذلك وبالرغم من مخاوفى التى ذكرتها فى البداية لم يكن لدى شك فى قدرة هذا الكيان على تجاوز أي أزمات، كما نجتاز نحن فى طريقنا أى "مطب صناعى".
|