التاريخ : الجمعة 07 october 2011 03:03:13 صباحاً
هذا ما قاله العراف لسائله الطيب الذى بلغت به الحماقة أن فرد له ذراعه ومد أصابعه ليتيح له قراءة كفه كما يدعى! استخدم العراف كل مهارات وأدوات النصب واصطياد الفريسة التى ورثها عن أبيه وجده.. أشار بإصبعه إلى أحد خطوط كف الضحية قائلاً: "هاتعيش عشرين سنة فى فقر"! حزن صاحب الكف، ثم تحول إلى فرحة مرتابة: "وبعد كده؟".. تسارعت دقات قلبه فى انتظار الإجابة التى جاءت أسرع مما تصور: "هاتاخد على كده"!!
كثيرًا ما قلنا هذه النكتة البليغة كلما سمعنا من الحاكم وعدًا موقوتًا.. منذ أيام الخطط الخمسية التى لم يفق منها الناس إلا على خطط أخرى.. وعد يسلم وعدًا... وهكذا بلا نهاية!
نمر بعنق الزجاجة لنكتشف أن زجاجتنا هى الفائزة بلقب صاحبة أطول عنق وفقًا لموسوعة "يائس" للأرقام القياسية! هناك نور فى آخر النفق.. نصدق ونكتشف بعد طول صبر أننا فى نفق دائرى بلا نهاية.
شدت مصر الحزام ورباط الجزمة ورباط العنق... صبر الغلابة، وعانى المستضعفون.. خُطب رنانة لا زلت أذكر بعضًا منها.. أغلبها جمل فعلية تبدأ بـ"سوف" الكاذبة، وحرف السين اللعين؛ لا شىء يتحقق، والنبوءة صارت واقعًا يتجدد.. مرت السنون.. عشرون تعقبها عشرون.. ونحن منتظرون!!
لا عجب إذن أن يفقد المصريون صبرهم ويطلبون بكل حسم وإصرار أن يكون هناك -ضمن مطالبهم الحكيمة- جدول زمنى متكامل.. جدول ينتهى بانتهاء كل الحلول المؤقتة: الحكم العسكرى، وحالة الطوارئ، والمحاكمات العسكرية، وحكومة تسليك المواسير أو التدخل لإزالة أى انسداد مفاجئ...
على نادى الزمالك أن يبحث لنفسه عن تصميم جديد بعد أن سقطت كافة الخطوط الحمراء. واللهِ، أشعر بسعادة لم أعرفها من قبلُ، بعد أن سقط آخر خط أحمر ظل يؤرقنى ويعكنن علىّ؛ بإرادة الشعب لم تعد هناك خطوط حمراء.. كل شىء قابل للنقاش والنقد، مع انحيازى التام لآداب التعبير.
أعضاء المجلس العسكرى -شأنهم شأن كل البشر- غير معصومين من الخطأ، خصوصًا وأنهم يعملون فى غياب أية آليات للتعرف على رأى الشعب.. أو بمعنى أفضل: قرار الشعب؛ أشفق عليهم لاضطرارهم للعمل فى هذه البيئة العجيبة، وأقترح عليهم العمل على الخروج منها بأسرع ما يمكن.
وافق الجميع على برلمان أبريل –مع تخوفى من كذبة أبريل- ولكنى أميل إلى التفاؤل وحسن الظن! يشكل المجلسان لجنة صياغة الدستور فى شهر.. وفقًا للبرنامج تحتاج اللجنة ستة أشهر لطرح الدستور للاستفتاء.. إلى هنا والأمر مقبول جدًّا، ولكن ماذا لو سقط الدستور فى الاستفتاء الشعبى؟! ندخل دوامة لا مخرج منها، ويظل المجلس العسكرى يعانى منا، ومن إلحاحنا "الرزل"!
أقترح أن تُكلَّف لجنة المائة بصياغة ما نطلق عليه "ملخص الدستور"، تمامًا كما نفعل مع العقود المطولة؛ ملخص يحتوى على نقاط محددة تؤكد مفاهيم المساواة والعدالة والمواطنة وملامح الهوية المصرية وثوابت المرجعية الدينية المتفق عليها بالفعل، مع عدم إغفال مدنية الدولة وامتلاكها للجيش والشرطة وسائر السلطات والمؤسسات. ينص الملخص على أن الشعب هو صاحب السلطات كلها وهو الوحيد صاحب حق التفويض فيها كاملة أو مجزأة. نظام الحكم ديموقراطى والمشاركة فيه مفتوحة للجميع بغير تمييز. أكبر موظفى الدولة (رئيس الجمهورية) ينتخب بطريقة الانتخاب المباشر لمدة أربع سنوات تجدد بالانتخاب مرة واحدة فقط. صلاحياته محددة وهو خاضع للمحاسبة.. وهكذاالملخص يمكن الانتهاء منه فى شهر واحد، والاستفتاء عليه فى شهر آخر، بحيث يحتاج تعديله إذا رفضه الشعب إلى شهرين آخرين على أقصى تقدير.
هذا يعنى أن الترشح للرئاسة يمكن أن يبدأ بإذن الله فى أول أغسطس 2012. حل وسط أقترحه لعله يلقى قبول الأطراف كلها، وينهى حالة الفقر اللانهائية التى تنبأ بها العراف الذى أدعو الله أن يعيننا على كشف كذبه وادعائه.
بعد ثورة الشعب المصرى كله لم يعد مناسبًا أن نفتح كفنا لدجال أو نصاب، ولم يعد مقبولاً أن نسلم آذاننا لوعود صيغت على شكل قصص النهايات المفتوحة!
بأمر الله وعملنا لن يرى المصريون فقرًا لمائتى عام قادمة؛ قريبًا نقرأ إعلانات: تبرعوا لفقراء أوربا وأمريكا!
|