التاريخ : الثلاثاء 11 october 2011 02:32:20 صباحاً
لا تشتعل فى مصر أزمة، إلا ولها سبب.. ولا تُهدر دماء المصريين إلا وهناك مُتسبِّب.
ما حدث أمس الأول من مُصادمات قاتلة بين أقباط غاضبين وقوات الشرطة العسكرية أمام مبنى الإذاعة والتليفزيون "ماسبيرو"، والتى راح ضحيتها 23 قتيلاً كان حلقة من مسلسل "أخطاء كبيرة" لمن تحمّلوا مسئولية إدارة شئون البلاد، تكمل مع حلقات "الأمن" و"الملف السياسي" و"الاقتصاد" مسيرة من التخبط وسوء الإدارة، الناتج عن عدم الخبرة فى إدارة الشئون المدنية من قيادات مسرح تميزها ونبوغها هو ميدان المعركة.
ما حدث أمام ماسبيرو له جذور بالتأكيد.. ليس آخرها تصريحات مستفزة من محافظ برتبة لواء تهدر سيادة الدولة وتشجع على إدارة شئون البلاد من قبل الشعب، بمنطق "من رأى منكم منكرًا"، مع ترك حرية تحديد وتعريف هذا المنكر بواسطة من سيُغيره، فإن كان المنكر "هو بناء كنيسة"، فليكن الأقباط هم الضحية، وإن كان هذا المنكر هو بناء "كباريه"، فستحل اللعنة على شارع الهرم.
ما حدث أمام ماسبيرو له جذور أخرى.. منها حالة الرعب لدى الأقباط من سيطرة من يتعاملون معهم بوصفهم "كفارًا" على "الحكم والتشريع والشارع" برعاية رسمية، وعودة الحديث عن "الجزية" وعدم جواز ترشح ممثليهم للحكم، وإهدار مفاهيم "المواطنة" التى يطاردونها منذ عشرات السنين.. لتحل محلها مشاعر الاضطهاد.
ما حدث أمام ماسبيرو له جذور أخرى.. منها حالة التجاهل الشديدة ممن كُلفوا بإدارة شئون البلاد لدورهم السياسي، وعدم اجتماعهم مع قياداتهم الدينية والسياسية لمناقشة رؤيتهم للمستقبل بوصفهم شركاء فى هذا الوطن، لهم ما لغيرهم وعليهم ما على سواهم، والاكتفاء فقط بحزمة من الأحزاب المختارة التى حلّت عليها بركة "العسكر" فيتم الاجتماع معهم والخروج بتوصيات وتوقيعات، أنكرها من حضر ورفضها من غاب.
ما حدث أمام ماسبيرو.. سببه تهميش سيادة الدولة والقانون.. البحث عن حل أمنى لكل معضلة.. واللجوء إلى مجلس عرفى لكل أزمة يكون الأقباط طرفًا فيها.. والسماح بإنشاء أحزاب تخالف الدستور وتستند إلى أساس دينى صرف ونعرف جميعًا أنها "سلفية" دينية وتضم بين قياداتها.. أشخاصًا يُكفّرون "الآخر" ولا يرون له حقوقًا تُصان إلا ما يحكم به الشرع.. وحدّثنى عن الشرع إذن فى هدم "الكنائس".
ما حدث أمام ماسبيرو.. هو الأسوأ منذ أن انطلقت الثورة.. الأسوأ فى أداء الأمن.. والأسوأ فى جموح الأقباط.. والأسوأ على الإطلاق فى أداء إعلام "ماسبيرو" المُسرطن.. ولم يخرج الأداء الرسمى لحكومة "العجز" التى يقودها عصام شرف عن حفلة "أوسكار الأسوأ تلك.. ببيان كتب بالحبر السرى.. وتصريحات كأنها والعدم سواء لا معنى لها.. ولا عُمق.. فلا هى شرحت أسباب ما حدث.. ولا هى قدّمت حلاً يُطمئن الناس.. بل تحدّثت عن مؤامرات خرافية لم يقدّم لها سندًا ولا دليلاً ولا حتى متهمين معلومين.. تبعه اجتماع وزارى يعرف الجميع أنه لن يفعل شيئًا غالبًا.. ولن يضع حدًا لما يحدث.. ولن يمنع تكراره.
يا أسيادنا المُكلفين بإدارة شئون البلاد.. لا خاب من استشار.
|