التاريخ : الاثنين 17 october 2011 01:14:28 مساءً
في دقائق معدودة أصدر المجلس العسكري مرسوما بقانون يجرم التمييز بين المصريين بسبب الدين أو أسباب أخري،كما صرح وزير التنمية المحلية عن قرب صدور قانون العزل السياسي لكل من أفسد الحياة السياسية.
سوف تندهش –مثلما اندهشت- عندما تعرف أن الأمور قد جرت بتلك السرعة مما سيدفعك للتساؤل:إذا كانت الأمور تتم علي هذا القدر من السرعة..فلماذا إذن كان الإبطاء؟ ولماذا لايحقق المجلس العسكري ماتريده معظم القوي السياسية والثوار ومايمكن اعتباره بالمطالب الشعبية (المشروعة) من قرارات في وقت قصير؟ ثم لماذا –ثالثا- لابد من الضغط والصراخ حتي يبح الصوت أو تحدث كارثة مثل مأساة ماسبيرو حتي يحقق المجلس العسكري مطلبا هنا وآخر هناك؟.
غاية الأمر أنه بعد مرور تسعة أشهر من عمر الفترة الانتقالية فإنك سوف تشعر أنها تدار بطريقة ارتجالية أو هكذا يراد لها..هناك من الشواهد الكثير مما قد يؤدي الي سوء الظن بالطريقة التي تجري من خلالها إدارة تلك المرحلة بل واستبعاد حسن النية،عندما جري تأخير اصدار كثير من القرارات والقوانين التي كانت تحظي بالحاح شعبي ومن القوي السياسية مثل قوانين العزل السياسي والتمييز وحل المجالس المحلية والغاء الانتخاب بالنظام الفردي والغاء مجلس الشوري..ناهيك عن المطلب الرئيسي الخاص بتحديد جدول وموعد محدد لتسليم الحكم الي سلطة مدنية.
ظني أن ماجري الأحد الماضي من مأساة أمام ماسبيرو رغم خطورته فهو قابل للتكرار طالما ظللنا ندور في تلك الحلقة المفرغة المسماة بالمرحلة الانتقالية،ففي الوقت الذي انهارت فيه البورصة المصرية وخسرت 18مليار جنيه صبيحة اليوم التالي لمأساة ماسبيرو،بعد أن ساد الشعور بأن البلاد سوف تسير الي نفق الفتنة الطائفية المظلم مما قد يؤدي الي شبح الحرب الأهلية ،إلا أن البورصة المصرية عاودت الإرتفاع صباح الأربعاء ولمدة ثلاث جلسات بعد أن جري فتح أبواب الترشيح للانتخابات البرلمانية مما يعني أن الجميع يبحث عن نقطة ضوء في النفق المظلم وهو مايطالب به الجميع،بعبارة أخري فإن الشعب يريد من المجلس الأعلي تحديد اتجاه لطريق محدد حتي تسير فيه عربة المرحلة الانتقالية حتي لو كانت سرعة العربة بطيئة المهم تحديد الاتجاه والشارع ولايهم السرعة.
المؤكد أن المجلس العسكري يمكنه أن ينجز عددا من الخطوات يمكنها –بل المؤكد- أن تؤدي الي انفراجة كبيرة في حياتنا السياسية الآن ويتمثل ذلك فيما يلي:
1-تشكيل حكومة انقاذ وطني من شخصيات مشهود لها بالكفاءة والنزاهة والانضباط بل وقبل ذلك تتمتع بخيال سياسي ورؤية محددة وتكون مهمتها تسهيل عملية الخروج من المرحلة الانتقالية الي الاستقرار السياسي..ويمكنها الاشراف علي اجراء العملية الانتخابية،وقبل ذلك انجاز ملفين علي درجة من الخطورة هما استعادة الأمن في الشارع ثم دفع الانتاج،خاصة أن ماقاله وزير المالية الحالي الدكتور حازم الببلاوي بأن الاقتصاد المصري قوي لكنه يعاني من ازمة سيولة،حديث يبدو مطمئنا.
بطء أو تراجع المجلس العسكري عن اقالة حكومة شرف وتعيين حكومة قوية مكانها سوف يعضد وجهة النظر السائدة لدي قطاع ليس قليلا من المواطنين والقوي السياسية والتي تري أن المجلس يريد حكومة ضعيفة تفتقد الخيال السياسي ووجد ضالته في حكومة شرف التي تستمع وتأتمر بأوامره كما لايمكنها معارضته..فإلي أي وجهة نظر سوف ينحاز المجلس الأعلي؟.
2-اعلان جدول انتقالي لتسليم الحكم الي سلطة مدنية منتخبة مما يسهل معه القضاء علي الشائعات الرائجة حول نية الجيش عدم مغادرة السلطة،ولايكفي هنا خروج رئيس المجلس أو أحد قادته معلنا عدم ترشيح الجيش لشخصية عسكرية لخوض الإنتخابات الرئاسية بل الأوقع أن يعلن المجلس العسكري عن موعد اجراء تلك الإنتخابات،ومن ثم تحديد موعد مغادرة السلطة.
ظني أن دون تلك الخطوات سوف يفتح الباب-الذي بات مفتوحا بالفعل- علي مصراعيه لكل الظنون وقبلها التساؤلات.
3-تقصير أمد اجراء الانتخابات البرلمانية فلا يعقل أن يعاني الاقتصاد الوطني كل تلك الأزمات في السيولة المالية وتراجع أداء قطاعات اقتصادية كثيرة ثم يفاجئنا المجلس بطول فترة الانتخابات البرلمانية حتي تصل الي خمسة اشهر والأفضل انجازها خلال أربعة أو ستة أسابيع علي أقصي تقدير مع الغاء أو تأجيل انتخابات الشوري الي أجل غير مسمي فهذا ليس وقت انتخابات الشوري بل نريد مجلس شعبي قوي يعبر عن اختيار حقيقي لارادة الشعب.
4-الاسراع بتشكيل الجمعية التأسيسية بحد أقصي شهر يبدأ من اعلان نتيجة انتخابات مجلس الشعب،علي أن تقوم تلك اللجنة بإعداد دستور جديد للبلاد خلال شهر أيضا،وبناء علي ماسبق فإنه يمكننا أن نصل الي مايو أو يونيو القادميين ولدينا برلمانا منتخبا ودستورا جديدا للبلاد مما يمنحنا فرصة اجراء الإنتخابات الرئاسية خلال شهري يونيو أو يوليو القادمين.
الرؤية السابقة تؤكد أن الخريطة واضحة ولاتحتاج ابطاء أو تعطيل وإلا فإن من حق من يسيئون الظن بطريقة اداء المجلس العسكري للفترة الانتقالية أن يستمروا في سوء ظنهم فما دون انجاز السابق سيكون متعمدا وهدفه استمرار الارتجال للفترة الانتقالية.
|