التاريخ : الأربعاء 26 october 2011 10:27:14 مساءً
لقد تجلّت الإرادة الشعبية في أعظم صورها، وكانت أول مرة يُقرر الشعب ويريد حينما طالب بإسقاط النظام تحت شعار: "الشعب يريد إسقاط النظام"، فحين اتفق الشعب كان النصر وحين كانت هناك إرادة حقيقية انتصر الشعب، ولكن ما لبثنا أن تصاعدت كل الدعاوي بحجة أن الشعب يريد - فكلهم يدعي وصلاً بليلي وليلي منهم براء- فكل مظاهرة فئوية تطالب بمطلب معين تدعي أن الشعب يريد، والحقيقة أن الشعب لا يريد، فحالة الثورة المستمرة لدي الناس قد أفقدت الثورة معناها، فالمظاهرات الفئوية التي تطالب -باستمرار- بتحقيق العديد من المطالب التي من الصعب تحقيقها في الوقت الحالي نتيجة عدم ملاءمة الوقت أو عدم توافر الموارد الكافية لتلبية هذه المطالب، وأصبحت معظم المصالح الحكومية وغيرها من الشركات يتظاهرون لتحقيق مطالبهم وحل مشاكلهم التي تتراكم منذ فترة طويلة بين ليلة وضحاها فاعتقد أن ذلك هو شىء صعب جداً في ظل الحالة الاقتصادية المزرية التي يمر بها الاقتصاد وتوقف عجلة الإنتاج منذ فترة، احتمال تعرض البلد لعدد من الأزمات قد تفضي بها إلي الإفلاس إن استمر الوضع الحالي.
فقد اعتدت قبل الشروع في كتابة أي مقال عمل مسح سريع بين النخبة حولي وكذلك أصدقائي لكي أعرف منهم آراءهم، وبعد طرح فكرة الموضوع عليهم فلم نتفق قط من قبل أكثر من اتفاقنا حول هذه الفكرة وهي أن الشعب يريد إصلاح الشعب، واتفقنا بأن الشعب الآن محتاج لعملية إصلاح كبيرة تتوائم مع هذه المرحلة لآن كل مرحلة لها توجهاتها وضروراتها وأهدافها التي لابد أن تتوافر.
ففي العصور الوسطي قامت طبقة النبلاء في أوروبا بتعليم الناس الأخلاق، وأن الأخلاق هي أهم المتطلبات لبناء أمة سليمة وقادرة علي عبور المرحلة الحرجة فلابد من شحن وتعبئة الناس تجاه هذا الهدف النبيل، وبدون الأخلاق فلن نكون قادرين علي تجاوز الأزمة الحالية، فدعونا نبدأ بأنفسنا ويبدأ كل منا بإصلاح نفسه.
إن أهم مقومات نجاح التجارب الديمقراطية هو توافر الثقافة السياسية، فالثقافة السياسية هي عماد الديمقراطية حتى يعرف كل منا حقوقه وواجباته وينشئ له عقيدة سياسية راسخة يدافع عنها ويحاول كل منا أن يتميز بالأخلاق ويدافع عنها، ولكن أن يحاول كل فرد أن يملي شروطه علي البلد من خلال حشد أناس لتحقيق مطالب فئوية دون النظر إلي ملاءمة الوقت وإلي الظروف المتاحة، فإن ذلك يعتبر استغلالاً للظروف الموجودة وهذا ليس من صفات النبلاء، علي الأقل خلال الفترة الحالية التي لا تتوافر فيها الموارد أو المقومات اللازمة لقبول هذه المطالب.
فعندما يستطيع كل منا أن يصلح نفسه، وحينما تتوافر الإرادة الشعبية للجميع لبدء مرحلة جديدة لمصر كلها نلوم فيها أنفسنا قبل أن نلوم الآخر، نصلح فيها أنفسنا قبل أن نطالب بإصلاح الآخر، فعندما نبدأ بإصلاح أنفسنا يكون بمقدورنا وقتها أن نطالب الغير بالتغيير، ووقت أن يكون الجميع قد أصلح نفسه سنجد التغيير قادم لا محالة ولكن التغيير إلي الأفضل، فتعالوا نرفع جميعًا شعارًا مهمًا هو " الشعب يريد إصلاح الشعب".
وأحب أن أختتم بما قاله أمير الشعراء أحمد شوقى:
صلاح أمرك للأخلاق مرجعه ** فقوم النفس بالأخلاق تستقم
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت ** فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
|