التاريخ : السبت 05 november 2011 04:05:46 مساءً
هناك ظاهرة عجيبة تصيب بعض المعارضين والثوار عندما يتصدون للقيام بدور مسئول، ويتبادلون الادوار وينتقلون من خانة المعارضة الى موقع المسئولية، وتجدهم يتحولون فجأة الى ملكيين اكثر من الملك وحكوميين اكثر من الحاكم وفى حالتنا عسكريون اكثر من الجيش
ولدينا حالة الدكتور على السلمى نائب رئيس الوزراء نموذجا وهو المحسوب على حزب الوفد ، وهو الحزب الذى يصنف على الورق كحزب معارض ومع ذلك ابدعت قريحة الدكتور على السلمى الوثيقة المنسوبة اليه، والمفترض ان يتم اقرارها قبل الانتخابات وهى الوثيقة التى تحدد شكل الدولة والعلاقة بين اطرافها والسلطات المتعددة فيها وكذلك طرق واليات اختيار لجنة صياغة الدستور الجديد، وفوجئنا ان الوثيقة المذكورة او المشبوهه تقدم الوطن على صينية من فضة للمجلس العسكرى يتصرف فيه كيفما شاء .
ويبدوا ان الدكتور على السلمى سمع ان المصريين معجبون بالنموذج التركى فقرر ان يحقق للمصريين ما ارادوا، واستنسخ التجربة التركية لكن فى الثمانينيات عندما كان الجيش التركى هو الحاكم الحقيقى للبلد ويقصى ما شاء من الوزارات والوزراء ، ويقوم بانقلاب عسكرى كل سته اشهر للحفاظ على دور له اكبر من الدولة فى النظام الحاكم فى تركيا .
كذلك فعلت وثيقة السلمى التى خلقت وضعا مميزا وحاكما للجيش فى الدستور بيحث تكون هناك دائما قوتين او ثلاث قوى تتصارع على صنع القرار فى مصر، القوة الاولى الجيش الذى يمتلك القوة الفعلية فى يديه والقوة الثانية هى البرلمان والقوة الثالثة هى الرئيس ، وبالتالى نخلق صراع قوى ثلاثى فى مصر وكأنها ناقصة وليتوه باقى الشعب او يذهب للجحيم .
المشكلة ليست فى النقاط التى يريد السلمى ان يطرحها ونوقع عليها ، المشكلة ان السلمى محسوب على المعارضة ومع ذلك يطعن الوطن كله بما فيه من حكومى او معارض بوثيقته العجيبة ، التى رفضها الجميع اخوان وليبراليين ويساريين وجمهور
ولم يقبلها الا نفس الاحزاب الكرتونية التى تواجدت ايام مبارك وكان النفر منهم يرشح نفسه للرئاسة امام مبارك ثم يذهب للصندوق ليعطى صوته لمبارك ويضن به على نفسه ، وبالمناسبة مثل هذه الكأنات الحزبية يجب ان يتم تطهيرها ورش المبيدات فيها لتعقيم الوسط السياسي من شرورها وخنوعها وانبطاحها وممارسة نفس ادوار الكومبارس الذى كانوا يؤدونها فى عهد مبارك ويمتد الى عهد المجلس العسكرى ، مثل هؤلاء يجب ان يحاكموا بتهمة افساد المستقبل .
اما الدكتور السلمى ووثيقته فقد اجبرانا على ان نفكر فى عدة امور : اما ان الكراسى والمناصب تغيير اصحابها وتجعلهم ينقلبون على مبادئهم، واما ان الجلوس على الكرسي يوضح حقائق تغيب عنا كشعب غلبان وبالتالى يتصرف المسئول وفقا للحقائق والمعطيات التى امامه ، واما ان المجلس العسكرى يهددهم بالحبس والعزل اذا لم ينفذوا ما يطلبونه منه.
لكن الحقيقة ان المجلس العسكرى خرج ليعرى هو الاخر وثيقة السلمى ويعلن رفضه المادة التاسعة التى تعطيه صلاحيات لا يريدها .
ورسالتى الى الدكتور على السلمى: اسحب الوثيقة وقدم استقالتك حفاظا على بعض الاحترام ، ورسالتى للمصريين لا تقربوا وثيقة السلمى الوثيقة فيها سم قاتل، ورسالتى للمجلس العسكرى حاول ان تحافظ على اسمك فى التاريخ دون ان يتم تلويثه ولا تنساق وراء المطالبين بالمشير رئيسا او المتطوعين بتقديم الشعب قربان لكم ، وعموما مازالات الفرصة متاحة لتسجلوا اسمائكم بحروف من النور فى قلب التاريخ وقلوبنا اذا حافظتم على الوطن وسلمتم الحكم لسلطة مدنية منتخبة انتخاب شعبى ونزيه ، ولا تخدعكم السلطة فتقرروا الاستمرار فى حكم مصر لان ساعتها التاريخ سيمسح اسمائكم بماء النار ونحن كذلك.
|