التاريخ : السبت 05 november 2011 04:28:59 مساءً
بالرغم من اني اشارك عدداً كبيراً من الناس مخاوفهم من نتائج الانتخابات البرلمانية القادمة التي هي بكل المقاييس انتخابات استثنائية ولا انكر علي المؤسسة العسكرية كذلك مخاوفها من العبث السياسي بمقدرات هذه المؤسسة التي لا تزال ركن الدولة الحصين إذا ما افرزت هذه الانتخابات سلطة تسعي لـ(تسييس) الجيش وبالتالي ذرع الانقسام داخله وهو خط احمر يكتسب مكانته من مكانة الشرعية التي تحميها هذه المؤسسة الا انني اري ان وثيقة المبادئ التي اعدها الدكتور علي السلمي اخطأت توقيتها وبالغت في اظهار تلك المخاوف الي حد مستفز لان هناك من سيتخذ مما اثارته من خلافات ذريعة لعودة العنف وربما طال ذلك العملية الانتخابية التي يخشي من محاولات (تفخيخها) لـوأد التغيير السياسي.
في الوثيقة التي تضمنت ملامح تشكيل الجميعة التأسيسية للدستور ما يستحق التأييد لان انفراد اعضاء مجلس الشعب بانتخاب هذه الجمعية في تلك الظروف الاستثنائية لا يتفق ومسلك الديمقراطيات الحديثة حول العالم ناهيك عن اجحافه بحقوق ذوي الخبرة وفقهاء القانون وممثلي مختلف القوي الوطنية التي يتشكل منها نسيج المجتمع لهذا فإن تقسيم اعضاء الجمعية علي النحو الوارد بالوثيقة لايثير حفيظة احد سوي التيار الذي يسعي الي اختطاف الثورة والذي يهدف الي تشكيل تلك الجمعية وفقاً لحصص القوي السياسية داخل البرلمان.. هذا مربط الفرس الذي بدأ بانتقاد نصوص اخري بالوثيقة كان يعوزها الضبط والمراجعة بينما في نهاية المطاف وجه الخلاف بين والهدف واضح.
هذه القوي التي تعارض اليوم منح اية امتيازات للمؤسسة العسكرية يعلو علي سلطة القانون وحق المساءلة كانت علي استعداد في السابق للدخول في صفقات مع النظام المنهار لتمرير مصالحها وهي حتي وقت قريب كانت تظهر للمؤسسة العسكرية مودة مبالغ بها حتي ان كثيراً منها رفض الخروج في تظاهرات للقوي الوطنية ممالأة لها ويلوح الآن بالمليونيات للاسراع بتسليم الجيش للسلطة, لانهم يرون ان هناك سياسات لمراحل الاستضعاف واخري لمراحل التمكين, وانهم الان علي مشارف هذه الاخيرة ومع ذلك لو ان الجيش طلب اي امتياز منهم في مفاوضات مباشرة لتمرير مصالح متبادلة لربما فعلوا.. اما لماذا لم يفعل الجيش فلانه يعلم جيداً ان اقرار مبادئ استقلالية المؤسسة العسكرية دستورياً يقطع الطريق علي مثل تلك الصفقات.
من حق الجميع اللجوء الي المناورات السياسية ولكن من حق الوطن تجنيبه تلك الفتن في اللحظات التي يكون فيها مستقبله ومقدراته علي المحك لان الامور والتطورات الجارية تنذر بما لا يحمد عقباه.
ولعل من بين تلك الاشارات المنذرة بذلك تصريحات بعض اقطاب الاخوان عن الاستعداد للتضحية بالملايين, وتحويل الثورة من سلمية الي دموية والعديد من تصريحات استعراض القوة الديماجوجية.
ومن بينها كذلك الخلط المضلل في بيان لجنة المتابعة والتصعيد المنبثقة عن التحالف الديمقراطي الذي يستبدل (القوات المسلحة هي حامية الشرعية الدستورية) بـ(الشعب هو حامي الشرعية الدستورية) بينما الاصل في كل الدساتير الديمقراطية ان الشعب هو (معقد) الشرعية واصلها اما الحماية لتلك الشرعية فتمنح لقوي يتم تفويضها هذا الحق تكون متجردة عن اي انتماءات ولا تدين بالولاء الا لتلك الشرعية.
اعتقد ان الجميع في غمرة انهماكه بتعظييم مكاسبه في تلك الظروف لم يعد يعبأ لأية اعتبارات اخري!!
|