التاريخ : الخميس 17 november 2011 12:23:10 مساءً
هذا عنوان البيان الأخير لـ «الجمعية الوطنية للتغيير» التى أتشرف بالانضمام إلى أمانتها العامة منذ أن نشأت فى أوائل عام 2010، وحافظت طيلة الوقت على دورها كضمير وطنى، ومنبر جامع لكل التيارات، وجسر عريض بين القوى السياسية. تقلب كثيرون وتغيروا، طمعوا وتملكتهم روح الانتهازية، أفرطوا فى أنانيتهم وخيانتهم للشعب العظيم الذى صنع ثورة غير مسبوقة فى التاريخ، وبقيت الجمعية قابضة على الجمر وفية للناس، تفتح ذراعيها لكل من رام انتشال بلدنا من الغرق، ونقله من القهر إلى العزة، ومن الإكراه إلى الحرية، ومن العوز إلى الكفاية.
لكل هذا أجد نفسى فى حاجة ماسة، ونحن نمر على مفترق طرق، ونعيش لحظة فاصلة من تاريخ مصر الثورة، أن أنشر فى زاويتى تلك بيان الجمعية الأخير، لعله يصل إلى أكبر عدد من المصريين الذين أثق الآن فى أنهم يقيمون بوعى مختلف أدوار القوى السياسية، ليميزوا بين الطيب والخبيث، وبين من يؤمن بالناس ويدافع عن أشواقهم إلى العدالة والكفاية والحرية ومن يهرع بطول ساقيه نحو الكراسى، ولا يلتفت إلى الذين يدهسهم فى جريه اللاهث نحو غاياته الوضيعة. وها هو البيان:
«تدعو الجمعية الوطنية للتغيير قوى ثورة 25 يناير وجماهير الشعب المصرى العظيم إلى وقفة جادة ومخلصة من أجل الوطن، وتناشدهم الانتباه إلى خطورة المأزق الذى جرنا إليه طريق خاطئ فرضه علينا المجلس الأعلى للقوات المسلحة بمعاونة مستشارى السوء منذ بداية توليه مقاليد السلطة بتفويض مشروط من الشعب.. وتحمله الجمعية مسؤولية الأوضاع الأمنية والاقتصادية المرتبكة والمتردية التى تعانى منها البلاد حاليا..
ولأن الجمعية الوطنية للتغيير تعتبر نفسها ضمير الثورة التى دفع المئات من أنبل وأطهر أبناء مصر أرواحهم ودماءهم من أجل نجاحها وتحقيق أهدافها كاملة، فإنها لا تملك ترف الصمت على المحاولات الخبيثة التى لا تخطئها العين لإجهاض الثورة واختطافها.. ولذلك فإن الجمعية تؤكد ما يلى:
أولا: ضرورة البدء فورا فى نقل السلطة إلى حكومة إنقاذ وطنى مدنية بصلاحيات كاملة تتولى إدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية وتعلن برنامجا واضحا بتوقيتات محددة لإقرار الأمن وإنقاذ الاقتصاد من خلال برنامج تحفيزى قصير المدى بما يضمن خفض البطالة وتحقيق العدالة الاجتماعية والاستجابة لمطالب الفلاحين لإنقاذ قطاع الزراعة من الانهيار التام، ومطالب العمال بإنقاذ الصناعة وتحديث بنيتها.
ثانيا: تشيد الجمعية بحكم القضاء الإدارى فى المنصورة باستبعاد فلول الحزب الوطنى المنحل من الترشح فى الانتخابات وتطالب بتنفيذ الحكم بمسودته فورا فى جميع أنحاء البلاد بما يفعل مطلب العزل السياسى لمن أفسدوا الحياة السياسية، والذى رفعته الجمعية منذ بداية الثورة، مع التأكيد على التنفيذ الكامل لحكم القضاء الإدارى بتمكين المصريين فى الخارج من حق التصويت فى الانتخابات.
ثالثا: تؤكد الجمعية تمسكها بمطلب إقامة الدولة الديمقراطية الحديثة ذات التوجه المدنى على النحو الذى استقرت عليه كل الدساتير المصرية منذ 1923.. وترفض الجمعية عمل القوات المسلحة المصرية بالسياسة أو تدخلها فى شؤون الحكم، وتطالب بإخضاع ميزانية القوات المسلحة لرقابة البرلمان المنتخب مع توفر الضمانات الكاملة للحفاظ على أسرار الأمن القومى، كما هو معروف ومطبق فى الدول الديمقراطية.
رابعا: تجدد الجمعية الوطنية للتغيير رفضها محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، وتطالب بالإفراج الفورى عن المدون والناشط السياسى علاء عبدالفتاح وجميع الذين أحيلوا إلى المحاكمات العسكرية من المدنيين.
خامسا: تناشد الجمعية جماهير الشعب المصرى عدم الانسياق وراء دعوات بعض القوى المعادية للديمقراطية الرافضة لمبدأ التوافق على المواد الأساسية للدستور، إلى تظاهرات عشوائية لا تراعى سوى مصالحها الحزبية الضيقة فضلا عن أنها تسىء إلى رمزية ومصداقية هذه الآلية الثورية التى كانت أهم أسلحة نجاح الثورة .. فهذه القوى تظن أن بوسعها الانفراد بوضع الدستور بما يقطع الطريق على إقامة الدولة الديمقراطية ذات التوجه المدنى التى تحظر تمرير أو تبرير القرارات السياسية عبر استغلال نصوص دينية مقدسة.
سادسا: تدعو الجمعية كل الأطراف والقوى السياسية لتحمل مسؤوليتها التاريخية حيال استكمال مسيرة الثورة المصرية باعتبارها الوسيلة الأسمى لبناء وطن حر عادل مستقل ومكتف. وترى الجمعية فى هذا الصدد أن اتفاق القوى السياسية على مواد أساسية للدستور تخلو من تلك التى تجعل من القوات المسلحة دولة داخل الدولة بات ضرورة ملحة لحرق المراحل وتعويض الوقت الضائع فى سجال عقيم بعد أن دخلنا نفقا مظلما جراء الاستفتاء على مواد لترميم دستور 1971، بينما كان المنطق والمسؤولية يفرضان وقتها المضى قدما فى وضع دستور جديد يحقق مبادئ الثورة ومطالبها عن طريق جمعية تأسيسية منتخبة مباشرة من الشعب.
وتنبه الجمعية جميع القوى السياسية إلى أن عدم اتفاقها الآن على مبادئ أساسية للدستور ومعايير لاختيار اللجنة التأسيسية التى ستضعه سيتسبب عقب الانتخابات البرلمانية فى فتح باب جديد للخلاف، ما قد يؤدى إلى فشل القوى السياسية فى إنجاز الدستور، ويفتح الباب أمام المجلس العسكرى لتعيين اللجنة، ومن ثم يُبقى على وضعه الاستثنائى الذى سيحول الثورة إلى انقلاب ناعم».
معاً تكتمل الثورة.. معاً يتحرر الوطن
|