التاريخ : الخميس 28 april 2011 06:03:36 مساءً
بالأمس انتهت المرحلة الأولى من الفرز والحساب على يد ثورة 25 يناير.. بسجن كل الكبار فى "طرة".. بداية من الرئيس المخلوع ونجليه علاء وجمال اللذين كانا يستعدان لوراثة البلد، واثنين من آخر ثلاثة وزراء عيَّنهم "مبارك".. والثالت قد ينضم لهم.. ورئيس مجلس الشعب المؤبد "فتحى سرور".. و"صفوت الشريف" رئيس مجلس الشورى بمناصبه المُتعددة وسلطاته المتجبرة ككاهن أعظم فى بلاد حزب السلطة الذى كان.. ورئيس ديوان رئاسة الجمهورية زكريا عزمى.. وسلة من الوزراء.. من فاسدين وقتلة.. وحزمة من كبار الموظفين والمساعدين وأصحاب الأموال ورجال الأعمال.. وهناك آخرون منهم فى الطريق من الكهنة والسحرة وورثتهم، وكأن "طرة" على الأرض صارت كجهنم يوم الحساب والتى يُخاطبها الجبَّار فى كتابه العظيم.. "يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ".
واليوم وغدًا، ستبدأ المرحلتان الثانية والثالثة من الفرز.. ربما تُراجع سجلات كل رجل أعمال فرز تانى أو تالت تربح من فساد.. وكل مُنافق اغتنى من الكذب وسكن تلال الساحل الشمالى.. وبدَّل جنبه على وسائد الرياء من قصره هنا، إلى فيلته هناك.. ليس شرطًا أن يسجن فى طرة.. ربما لن يكون السجن هو المصير الوحيد.. فجماهير الثورة ارتوى عطشها للقصاص.. قد تقايض حريته بثروته.. أو قد يترك مُرتعشًا خائفًا من ارتكاب مُخالفة مرور تفتح ملفاته.. لكن المؤكد أن حبس الرئيس ونظامه.. أعطى إشارة خطير.. بأنه لا أحد فوق القانون.. ولا أحد مُحصّنٌ من بطش الحساب.
غدًا ستصدر الأحكام.. وتعلق المشانق لمن يستحق.. ويفنى بعضهم ما تبقى من عمره سجينًا مُقيد الحرية.. يلعن اليوم الذى عرف فيه الطريق إلى السلطة.. وتذوّق فيه طعم الثروة.. بينما أبناؤه وأحفاده ينعمون بما أخفى فى الحسابات السرية.. على شواطئ جزر الكنارى، وكازينوهات هاواى، وبارات سويسرا.
بينما أولئك المُصنفون "فرز تانى وتالت ورابع" من لصوص ومنافقين.. يحاولون تبديل وجوههم وتغيير مبادئهم وسلخ جلودهم القديمة كالثعابين والأفاعى.. ولا يصبحون ولا يمسون إلا والسؤال الأكبر يطاردهم.
هل جاء دورك؟
هذا سؤال يخشاه كل من فسد وظنَّ أن فساده يحيمه نظام "قوى ومتين"، يستند على شبكة عنكبوتية جهنمية من المصالح، وجيش من قوى الأمن التى لا تقهر.. وجبروت سلطة لا تخشى أحدًا.. وعلاقات دولية دستورها "إن اقرأوا الفاتحة على ثروات الشعوب"، وشعارها "احمى ظهرى.. أحمى لك وجهك".. فاغتنى من حرام، وانتهك كل الحرمات، وكدَّس أمواله وقصوره جوار بعضها البعض.
ذاك سؤال يخشاه كل منافق سمح لقلمه يومًا أن يُضلل الناس، أو ترك العنان للسانه يقول ما يقول، طالما أن مصلحة ما ستعود عليه، على أساس أن أحدًا لن يُحاسب غافلاً مُستغفلاً أننا نعيش فى زمن لم يعد فيه أحد يحتكر الحقيقة وناسيًا مُتناسيًا أن "دوام الحال من المحال" مُعتمدًا فقط على قدرته فى القفز على الحبال وتغيير الوجوه وتبديل المواقف تحت شعار: "أنا أضرب .. وألاقى". |