التاريخ : الجمعة 25 november 2011 01:34:04 مساءً
قلتُ لكم مراراً..
إن الطوابير التى تَمرَ..
فى إستعراض عيد الفطر والجلاء
(فتهتفُ النساءُ فى النوافذ إنبهاراً)
لاتصنع إنتصاراً.
إن المدافع التى تصطف على الحدود فى الصحارى..
لاتطلق النيران..إلا حين تستدير للوراء.
إن الرصاصة التى ندفع فيها..ثمن الكَسرةِ والدواء..
لاتقتل الأعداء..
لكنها تقتلنا..إذا رفعنا صوتنا جهارا..
تقتلنا، وتقتل الصغارا!.
هكذا قال متنبى هذا العصر أمل دنقل..فأول الأمر يختلف تماما عما آل إليه الآن، ومابين شعارى "الشعب والجيش إيد واحدة " و"الشعب يريد إسقاط المشير" فجوة شاسعة ساهم فى إتساعها طرقا ملتوية فى التعامل، وريبة فى كل خطوة يتم إتخاذها، وتعالٍ و"تكبير دماغ" – إما لجهل بالإدارة أو عن عمد - من جانب المجلس العسكرى.
ومابين مشهدى يد اللواء الفنجرى التى "ضرب" بها تعظيم سلام للشعب المصرى العظيم وثورته المجيدة، ويد العسكرى التى جرجرت جثة شاب مصرى خرج معبراً عن رأيه وألقت به الى القمامة شعورا بالمرارة والألم، وفقدان الثقة فى كل شىء، يعززه إحساس آخر باليأس وضياع الحلم الذى خرج من أجله من خرج فى 25 و28 يناير.
لم يكن الذين خرجوا الى الشارع فى 25 يناير يعلمون أن الثقة المفرطة فى المجلس العسكرى سوف تتحول الى أسوأ خطأ تم إرتكابه فى حق تلك الثورة، بدليل المأزق الحالى الذى وصلنا إليه، لكنهم أيضا لم يجدوا بديلا أفضل وأكثر مصداقية وسط ركام سياسى كانت الإنتهازية والهشاشة أبرز سماته.
تعامل الشعب منذ 11 فبراير مع العسكر على إنهم "عسكر" لديهم من الخبرات مايؤهلهم لقيادة البلاد فى مرحلة من أصعب وأخطر مراحلها بعد أن حموا الثورة بحياديتهم، وتعاملوا مع مايطلق عليه "القوى السياسية" وخاصة الإخوان المسلمون على إنهم شركاء فى تلك الثورة، لكن مالم يتوقعه أحد- ربما لجهل بالتاريخ - أن يتحول العسكر ومن ورائه "القوى السياسية" بأطيافها إلى مجموعة "حرامية" سُلطة، وأن تتحول مكاسب الثورة الى "كعكة" يلهث الكل للفوز بنصيبه الأكبر مستندا فى ذلك على ماقدمه للثورة من تضحيات، بينما لم يتقدم أحدٌ من الذين ضحوا بالمعنى المفهوم لكلمة "تضحية" للحصول على حصتهم!!.
اليوم فقط يجب على هؤلاء الذين عادوا الى الشارع مرة أخرى، مستقبلين الرصاص وقنابل الدخان بأجسادهم وعيونهم، لإعادة القطار الى مساره الصحيح، ألا يثقوا سوى فى أنفسهم وفى قوة عزيمتهم وإرادتهم مهما كان حجم التشكيك فى ذلك، وأن يعلموا أنهم منذ يناير قد أصبحوا طرفا رئيساً فى المعادلة، وأنهم وحدهم القادرون على إنتزاع الحلم من فم الأسد حتى لو كان هذا الأسد هو المجلس العسكرى، وأنهم وحدهم الذى سيحرك الأمور مستقبلا كما حركوها فى الماضى، وهم من سيفرض الشروط، لأنهم ببساطة لالون لهم ولامأرب، لاكرسى برلمان ولايحزنون، فقط يناضلون من أجل "تنظيف مصر" شاء من شاء وأبى من أبى. |