التاريخ : الجمعة 02 december 2011 01:13:28 مساءً
يقول المثل المصرى "المية تكدب الغطاس"، ونحن الآن لدينا بحر واحد واسع إسمه "مصر مابعد الثورة"، وفى المقابل لدينا غطاسين كُثر يدعى كل واحد منهم أنهم الأجدر على الغطس ببراعة ومهارة تفوق الآخر.. قد تنحصر المنافسة حاليا على الأقل بين غطاسين إثنين، الأول يمثله التيار الإسلامى بشكل عام وجماعة الإخوان المسلمين بشكل خاص، والثانى ممثلا فى التيار الليبرالى بكافة ألوانه.
حسناً، الإخوان يقولون فى دعايتهم أنهم يحملون الخير لمصر، والليبراليون يرون أنهم الأجدر بأن يأتى مثل هذا الخير على أيديهم بدلا من أيدى "قوى الظلام" !، ونحن حتى الآن لم نر خيرا من أولئك ولا من هؤلاء بإستثناء بعض وجبات "الكنتاكى" والخمسين جنيهاً وعبوات الخيار والطماطم وأكياس السكر والأرز، التى تلقاها بعض الناخبين هنا وهناك على سبيل الرشوة فى عدد من دوائر المرحلة الأولى (إن جاز لنا أن نعتبر ذلك خيرا)!.
قد تختلف أو تتفق مع التيارات الإسلامية المكتسحة حاليا - وفقا للمؤشرات الأولية لنتائج الجولة الأولى للإنتخابات- لكنك لاتمتلك سوى أن تقر بأحقيتهم فى فوزهم، فإن لم تفعل فأنت إذا مناقضاً لنفسك، بدليل أنك إرتضيت من البداية قواعد اللعبة الديمقراطية. صحيح أن هناك تخوفات لاحصر لها من سيطرة الإسلاميين على نسبة كبيرة من السلطة، لكن الصحيح أيضا أن معظم تلك التخوفات مبنى تصورات ترجع الى جزء من تاريخ (جدلى) لهذا التيار.
الصورة إذاً لم تكتمل بعد، وربما كان فى وصول التيار الإسلامى الى الحكم بصورة أو بأخرى إكتمال لتلك الصورة، فالتجربة العملية هى الشىء الوحيد الذى بمقدوره أن يقنعنا بمدى صلاحية أو فساد حزب أوتيار سياسى أو حتى فكرة نظرية، ونحن لم نجرب بعد التطبيق العملى لأفكار الإخوان، فلنرَ إذاً ماذا سيفعلون بعد قطف الثمار وساعتها سنتأكد من مدى قدرتهم على الغطس فعليا، لكن قبل ذلك وقبل أى شىء لابد من وجود دستور محترم يمثل ويعبر عن كافة طوائف وفئات الشعب المصر.. دستور لاتضعه أغلبية برلمانية ولاترزية قوانين أمثال مفيد شهاب.. دستور يحقق أحلام هذا الشعب فى الحرية والعدالة والمساواة.. دستور يكفل للمصريين حق الإطاحة برئيسهم وحكومتهم إذا نكثا وعودهما وعهودهما دون أن يضطر أحد الى الذهاب لميدان التحرير لإسقاط النظام.. دستور لايجعل من الحاكم نصف إله ولايمنحه صلاحيات مطلقة تعيدنا الى العهد البائد وماهو أسوأ...فإن ضمن أحد لى ذلك فأعتقد أن جميعنا سيتقبل نتائج الديمقراطية حتى لو جاءت لنا هذه الديمقراطية بالشيطان نفسه!!
والله أعلم.
|