التاريخ : الجمعة 09 december 2011 02:10:46 مساءً
لعن الله الإنتهازيين.. لايأبهون لدماء ذكية تُراق.. ولا تخشع قلوبهم لذكر الشهداء، لكنها تتراقص شوقاً بمجرد ذكر "الكراسى" أياً كانت الكراسى!.. لاتقشعر أبدانهم لرؤية أم ثكلى مكلومة فقدت وحيدها فى الميدان.. السُلطةُ بالنسبة إليهم غاية لامفر من بلوغها أياً كانت الوسيلة.. يتفاوضون على دماء شباب يُدعى الى الموت ولم يُدع يوماً الى المُجالسة.. شباب حمل روحه بين كفيه ليبعث كرامة وطن بعد أن ماتت وشبعت موت.. شباب تحمل إتهامات بالعمالة والخيانة والعمل وفقا لأجندات لاتنتهى، وآلمته نظرة شريحة غير قليلة من الشعب على أنه حفنة من الرعاع خرج "طلباً" لوجبات كنتاكى و50 يورو!!.. شباب وثق فى المجلس العسكرى بقدر ثقته بنفسه فلم تُقابل تلك الثقة سوى بطعنة غادرة أجهزت –ولو لبعض الوقت- عليه فى شارع محمد محمود.. شباب كان له الفضل بعد الله فى الإطاحة برأس فاسدة.. وأنتهى به المطاف مشاراً إليه بأنهم "بتوع التحرير" تقليلا من شأنه.
يذكرك المشهد الحالى فى مصر تماما بمشهد عبارة الموت فى 2006 الذى راح ضحيته مايربو على 1400 من الغلابة، بينما كانت الهانم فى نفس اللحظة "تلطَع" قُبلة على خد زوجها المخلوع فرحة بجول مصر فى جنوب إفريقيا، ومن ورائهم -عمود نور- إكتشفنا بعد ذلك أنه رئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف.
نفس المشهد يتكرر الآن وإن كان بصيغة مختلفة نسبيا، فبينما تروى دماء أفضل شباب مصر ميادين الثورة، يُقبّلُ الفائزون الجدد فى المرحلة الأولى من الإنتخابات البرلمانية بعضهم فرحاً بمقاعدهم الجديدة، ناسون أو متناسون شرعية الدم التى لولاها ماكانوا وصلوا إلى ماآلوا إليه.
لن تجد ذكرا للشهداء ولا لحقوقهم ولا محاكمة قتلتهم وسفاحيهم وقانصى عيونهم إلا نادرا.. زخم الإنتخابات وضجيجها غطى على صوت المنادين بالثأر أولاً، فى الوقت الذى يمارس فيه الإعلام تعتيما شديدا على كلام الدكتور أحمد معتز عضو هيئة التدريس بكلية طب القصر العينى الذى إتهم فيه صراحة المجلس العسكرى بإستخدام أسلحة كيمائية محرمة دوليا ضد المصريين فى شارع محمد محمود، مدعما كلامه بوثائق قال إنه سينشرها قريبا.
لايدعى أحد أنه يمتلك الحقيقة كاملة، ولايمتلك أحد أن يزعم وجود قداسة لثائرى التحرير أو سواهم، لكن مايشعر به كثيرون وأنا منهم أن دماء الشهداء التى بُذلت لتحريرى وتحريرك من براثن حكم فاسد لم يتنه بعد أضحت نسياً منسياً، وبدا لنا فعلا أن كل ثائر شهيد لم يَجْنِ من ثورته سوى أحزان بلاجدوى ودمعة سدى.. أخشى أن تتحول حالة عدم اللامبالاة بشأن دماء الشهداء بنا بأن نصحو على يوم يُقتاد فيه خير شباب هذا الشعب مرة أخرى الى السجون بتهمة إنه من "بتوع التحرير" على طريقة فيلم إحنا بتوع الأتوبيس.. الذى بُح فيه صوت الفنان عادل إمام بقوله "إحنا بتوع الأتوبيس ياإخواننا"!!. |