التاريخ : السبت 10 december 2011 04:53:53 مساءً
بالرغم من أن الإخوان المسلمين هم أكثر القوى السياسية خبرة -أو هكذا يفترض أن يكونوا- فإن نشوة الانتصار يبدو أنها قد أسكرتهم وأدارت رؤوسهم كما فعلت مع من هم أقل خبرة ودراية سياسية, فسارع أحد أقطابهم "محمود عزت" فى تصريحات ينقصها الكثير من الخبرة والكياسة عندما وصف وثيقة "السلمي" -وهو يعلم يقينًا أنها وثيقة المجلس العسكرى فى المقام الأول- بأنها قد "ماتت" وأن من يحاول أن يُحيى ميتًا "سيموت ويدفن معه!" وبسرعة شديدة جاء الرد العسكرى غير المباشر ولكن بصورة صارمة بعد أيام قليلة من التصريحات السابقة عن طريق اللواء مختار الملا، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، أمام مُراسلى الصحف ووكالات الأنباء العالمية، عندما قرّر أن البرلمان القادم لن يمثل فئات المجتمع المصري, والأهم أن الجمعية التأسيسة التى ستضع الدستور الجديد للبلاد لابد أن تحظى بموافقة "حكومة الإنقاذ” و”المجلس الاستشاري” وهو رد قاطع الدلالة لابد أن الإخوان قد فهموه وقرأوا جيدًا مغزى الرسالة.. وبات عليهم أن يقرّروا هل ماتت حقًا وثيقة السلمي؟!
لقد تعامل الإخوان على رشدهم مع التطورات السياسية الأخيرة التى صنعتها أجواء الخلاف حول بنود الوثيقة بخفة سياسية ظنًا منهم أنهم الرابح الوحيد مما يدور على الساحة السياسية وأن موقفهم الانتهازى وسعيهم إلى إجراء الانتخابات البرلمانية فى أسرع وقت لتضييع الفرصة على الآخرين وربح أرض جديدة تغير موازين القوة مع المؤسسة العسكرية فيما بعد كافٍ لذلك.. فلا بأس أن يكون زوج الأم هو العم نفسه طالما ذلك لبعض الوقت"!!" ولكن الجماعة لم تقف لتسأل نفسها: ما الفارق بين الأمس (أيام مبارك) واليوم (فى ظل المؤسسة العسكرية) طالما أنها تملك هذا التأثير الجماهيرى لقد بادرت إلى أضعاف وشق صف الجماهير.. فماذا ربحت؟! عليها الآن أن تقف مرة أخرى فى وجه السلطة وحيدة، ولتحشد من استطاعت باسم الدين.. بينما نحن لدينا الآن "تحرير" و"عباسية" و"إخوان" و"سلفيين" و"كتلة" وغيرهم!
أقدِّر الإخوان كقوى وطنية مُنظمة رغم اختلافى معهم فى المواقف.. ولكنى هذه المرة وبعد هذا الأداء والمشاركة فى استعراضات القوة وأحاديث وتصريحات "المغالبة" أجد أنها تستحق حصاد ما زرعته.. وإذا أسلمت عقلى لذات المنطق “البرجماتي” فإننى أنحاز لولاية المؤسسة العسكرية التى لم تسع لإخافة الجماهير ولم تعترف يومًا برغبتها فى الاحتفاظ بالسلطة رغم أنها تستطيع ذلك بمنطق القوى الغاشمة.
أنحاز للمؤسسة العسكرية فى هذا التوقيت الدقيق تحديدًا لأنها بالرغم من خطاب اللواء "الملا" المفعم بالقوة والسلطة شدَّدت على طبيعة الشعب المصرى الذى يفزع من التطرف ويعاف تغيير طبيعته الوسطية المُتسامحة التى تعايشت تحت ظلالها مختلف الأديان والأفكار. |