التاريخ : الثلاثاء 17 may 2011 09:17:01 مساءً
جاء اختيار الدكتور نبيل العربى، أمينًا عامًا لجامعة الدول العربية، خلفًا لعمرو موسى، كإحدى النتائج السريعة والملموسة لثورة مصر المجيدة، والتى لولاها لضاع المنصب من مصر بعد اعتراض السودان على الدكتور مصطفى الفقى، أحد رجال العهد البائد، إضافة لترشيح قطر للسفير عبدالرحمن العطية، والذى سحبته بلاده بعد قليل من إعلان مصر سحب تسمية "الفقى" للمنصب واستبداله بالعربى، تقديرًا من قطر لمصر الثورة.
وكان تمسك القائمين على حكم الدولة، بتسمية الدكتور الفقى من الأمور غير المفهومة بالنسبة لكثير من المتابعين للمشهد السياسى المصرى، بعد نجاح ثورة 25 يناير فى القضاء على مطامح النظام السابق بعد اسقاط جزء ليس بالقليل من رجاله الذين حملوا على عاتقهم ملف توريث الحكم لجمال مبارك نجل الرئيس المخلوع، وكان من بينهم الدكتور مصطفى الفقى الذى اصطحب جمال الى لندن كثيرا للتعرف على تجربة حزب العمال والتى أتت بشاب يدعى تونى بلير لرئاسة وزراء بريطانيا على الرغم من عدم وجود تاريخ سياسى له، أملا فى تنفيذ هذه التجربة فى مصر، إلا أن اندلاع الثورة وأد هذا الكابوس.
لذلك كان لابد أن ينتبه المشير "طنطاوى"، منذ توليه رئاسة الدولة لفترة مؤقتة بمباركة من الشعب بعد نجاح الثورة المجيدة، الى أهمية عدم تصدير إرث مبارك السياسى ورجال الثورة المضادة إلى الدول العربية من خلال الدكتور "الفقى".
وكان المشير قد أكد ان مصر لديها جيش قادر على المواجهة وحماية أمنها واستقرارها سواء فى الداخل أو الخارج، وهو أمر معلوم بالنسبة للجميع، كما أنه طالب بضرورة العمل بسبب تردى الاوضاع الاقتصادية التى تمر بها البلاد خلال الفترة الراهنة، إلا ان الحالة الحالية لمصر الآن تنبئ بحتمية عدم استقرارها اقتصاديًا قبل استقرارها سياسيًا، وهو الأمر الذى لن يتحقق قبل التوجه نحو تهيئة المناخ للجمهورية الثانية من خلال تأسيس دستور جديد يحمى مصالح البلاد والعباد وينظم العلاقات بين أطراف المجمتع المختلفة، وهو ما سيساهم فى جذب مستثمرين أجانب، خاصة ونحن بلد لا يستطيع أن يعيش دون استثمارات خارجية يحرص أصحابه على البحث عن دول توجد بها فرص استثمارية واعدة مع انخفاض المخاطر وهو ما تتمتع به مصر، إلا أنه مُعطّل الآن.
ويُخطئ من يعتقد أننا سنكون قد انتقلنا بالفعل إلى الجمهورية الثانية التى يأمل الجميع الوصول إليها، بعد إجراء انتخابات الرئاسة التى ستعقبها صياغة الدستور الجديد من خلال تشكيل لجنة تضم 100 عضو من مجلس الشعب الجديد، والذى سوف تسيطر عليه القوى السياسية المنظمة والتى يجيئ على رأسها أعضاء الحزب الوطنى المنحل لما لهم من خبرة كبيرة فى ادارة العملية الانتخابية، بالاضافة الى أعضاء جماعة الاخوان المسلمين، لذلك فإن المجلس لن نشهد تحت قبته الجديد سوى تغيير الوجوه فقط، مما يُمكًن الطرفين من صياغة دستور يخدم أهدافهم وأغراضهم فقط دون النظر إلى مصالح البلاد العليا.
لذلك يجب أن يعلم المشير أن مصر ليست فى حاجة إلى عملية ترميم وإنما إلى إعادة بناء، وهو الأمر الذى لن يتحقق دون تأجيل موعد انتخابات مجلس الشعب المزمع إجراؤها فى سبتمبر المقبل، لكبح جماح الثورة المضادة، إضافة إلى الانتهاء من إعادة بناء الوطن، خاصة أن التاريخ سوف يذكر أن محمد حسين طنطاوى كان رئيسًا له فى مرحلة بالغة الخطورة تتطلب تضافر الجهود والقوى من أجل وضعه ضمن مصار الدول الديمقراطية، ولأن مطامح الرجال لا تنتهى، فإن فكرة الدولة الديمقراطية لن تتحق دون وجود قوى اقتصادية حقيقية تنعكس بدورها على قوتها السياسية، لذلك لا يستطيع أحد التفكير فى المستقبل إلا وحقائق الواقع فى تقديره .
استقيموا يرحمكم الله
|