التاريخ : الأربعاء 14 december 2011 01:55:26 صباحاً
يحزن المرء كثيراً عندما يقرأ عن حال التعليم والثقافة بمصر المحروسة والذي وصل لحال لا يليق أبداً بدولة كانت من أوائل الدول التي علمت العالم بأسره القراءة والكتابة فأصبحت نسبة الأمية الهجائية بها الآن تصل إلى حوالي أربعة وثلاثون بالمئة كما تشير بعض تقديرات الأمم المتحدة وهناك نسب أخرى تشير إلى أن نسبة تلك الامية تكاد تصل إلى ثلاثة وأربعون بالمئة وأخرى تشير إلى أن نسبة الأمية في الإناث تصل إلى سبعة وأربعون بالمئة وفي الذكور أربعة وثلاثون بالمئة....وهذا لا يليق أبداً بدولة كانت من مؤسسي النظام البيروقراطي والدوواين التي إعتمدت على الكتابة في عملها بشكل أساسي..لذا فإن التعليم بمصر بحاجة إلى نهضة قوية وسريعة تستعيد به الأمة المصرية عافيتها ومكانها الطبيعي بين تلك الأمم والتي وصلت نسبة الأمية بها إلى صفر بالمئة كما هو الحال في العديد من الدول ومنها كوبا على سبيل المثال (لاحظ أن إرتفاع نسبة التعليم ليس فقط في الدول الغنية والمتقدمة إقتصاديا).
إن إصلاح التعليم يعتمد في الأساس على محورين أساسين، أولهما الجانب الفني والمعنوي من العملية التعليمية وهو المسئولة عنه الدولة وأما المحور الثاني فهو مسئولية الفرد عن تعليم نفسه وتنمية قدراته ومهاراته هو والأشخاص المرتبطين به وإصلاح هذين المحورين إصلاحاً جذرياً كفيل بالوصول إلى عقل مصري جديد يستطيع التفاعل مع المتغيرات المتلاحقة والسريعة الحاصلة الآن وفي الوقت نفسه بدون أن يفقد هويته الأصلية ولغته العربية واللاتان تمنحانه العمق الحقيقي لشخصيته المتجذرة في أعماق التاريخ الإنساني.
***
إن بدأنا بالمحور الأول والذي يعتمد على إصلاح الجانب الفني والمعنوي من العملية التعليمية فذلك يتطلب على الأقل إصلاح العناصر الآتية، أولاً علاج نسبة الأمية المرتفعة، والأمية الهجائية المقصودة هنا هي عدم قدرة المرء على القراءة والكتابة، فالأمية هي بمثابة العائق الذي يقف في سبيل أى مشروع تنموي من أى نوع سواء كان سياسي او إقتصادي أو إجتماعي، لذا فإن أول التحديات التي يجب مواجهتها والقضاء عليها بسرعة هي تلك الأمية والخلاص من هذا الحاجز ليس بالأمر الصعب او المستحيل ولكن بشرط وضع الإستراتيجية الصحيحة المدعمة بالرؤية الواضحة للقضاء على هذه الأمية وتحديد مجموعة أهداف محددة المدة والموضوعة بشكل يتلاءم مع حجم وطبيعة المشكلة والبدء فوراً في التنفيذ وأعتقد ان أول خطوات القضاء على الأمية يكون بإنشاء هيئة أو مؤسسة خاصة لمحو الأمية، تلك الهيئة يجب أن تكون هيئة مستقلة وعملها محدد المدة ويرأسها أحد أقطاب التعليم بمصر، وتكون له صلاحيات واسعة تمكنه من الإستعانة بمن يريد وفي الوقت الذي يريد (قيادة هذه المؤسسة يجب ان تكون قيادة شابة تستعين بشباب قادرون على الوصول للنجوع والقرى البعيدة، فأسلوب عمل هذه الهيئة لا يجب أن يكون بنفس الطريقة النمطية التي تسير عليها المؤسسات المصرية، فإنجاز الهدف الصعب يحتاج لطريقة إدارة غير تقليدية)، على أن تحدد هذه الهيئة مدة معينة تكون ملزمة فيها امام الشعب وقيادته بالقضاء على الأمية في خلال خمس سنوات على الأكثر ويمكن لهذه الهيئة القدرة على التعاون مع منظمات العمل المدني والشركات والكيانات الإقتصادية الكبرى والتي تخصص جزء من ميزانيتها للعمل الإجتماعي.
أيضاً يجب وضع المعايير والمقاييس التي تضمن ان يكون محو الامية حقيقي لا مجرد أرقام على ورق لذا فالمهم هنا أيضاً هو مراقبة عمل وأداء هذه المؤسسة حتى لا يكون عملها مجرد هراء يضيع في سبيله الوقت والمال.
|