التاريخ : الأحد 18 december 2011 12:45:59 مساءً
عـلـى مدار سبعة عشر جلسة متتالية للجنة السياسة النقـدية بالبنك المركزي المصري (ما يزيد على عامين) إستمر فيها الإبقاء على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة (الكوريدور) عند مستوى 8.25 % للإيداع ، 9.75 % للإقراض، قـررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزى فى اجتماعها بتاريخ 24 نوفمبر الماضى رفع سعر عائد الإيداع لليلة واحدة بمائة نقطة مئوية ليبلغ 9.25 % وسعر الإقراض لليلة واحدة بخمسين نقطة مئوية ليبلغ 10.25 %، كذلك رفع سعر الائتمان والخصم بخمسين نقطة ليبلغ 9.5 %، وفى ضوء ذلك بدأت البنوك المختلفة وعلى الفور برفع أسعار الفائدة على الودائع والشهادات الإدخارية لديها، وهو الأمر الذي بدأت تزداد معه أفراح المودعين وتزداد معه أيضا أوجاع الاقتصاد.
فما من شك فى أن رفع أسعار الفائدة له تأثير إيجابى على حجم الإيداعات وعلى صغار المودعين وهو الأمر الذي يمكن أن يؤثر على معدلات الإدخار في مصر، كما أن هذه السياسة تؤدى إلى تخفيض الضغوط التضخمية من خلال امتصاص فائض السيولة المتاح داخل الاقتصاد، وكذلك الحد من إرتفاع أسعار الصرف وانتشار ظاهرة الدولرة، خاصة فى ظل تراجع صافى الإحتياطيات الدولية من حصيلة النقد الأجنبى خلال شهر نوفمبر 2011 للشهر الحادى عشر على التوالى وليسجل أدنى مستوياته منذ 26 شهراً وفقاً لبيانات البنك المركزى المصرى، حيث سجلت تلك الاحتياطيات نحو 20.15 مليار دولار.
غير أنه ومع هذا يظل الأضرار التي يمكن أن تتحقق في ظل ارتفاع معدلات الفائدة على مستوى الاقتصاد القومي ككل أكبر بكثير.
حيث أنه من شأن إرتفاع أسعار الفائدة أن يؤثر على قيمة وتكلفة خدمة الدين العام المحلى، وما يزيد من أهمية وخطورة ذلك بالنسبة للاقتصاد المصري هو تضاعف حجم ذلك الدين والذى سجل مع بداية عقد الثمانينات ما يقرب من 11 مليار جنية، ثم إرتفع مع بداية عقد التسعينات ليصل إلى 98.4 مليار جنية، ثم واصل الإرتفاع ليصل إلى ما يقارب 840 مليار جنية بنهاية عام 2008، ثم ارتفع ليتخطى حاجز 1.1 ترليون جنيه مع نهاية هذا العام.
ومن شأن إستمرار الإتجاة العام لزيادة أسعار الفائدة أن يؤدى الى المزيد من تفاقم حجم الدين العام المحلى، وزيادة الأعباء المستقبلية على الموازنة العامة للدولة من خلال زيادة الإنفاق العام في ظل الإلتزام بتكلفة وأعباء خدمة هذا الدين، مما سوف يؤثر على قدرة وأداء الحكومات المتعاقبة على الوفاء بخدمة البعد الإجتماعي خاصة فى مجالات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية.
كذلك من شأن إرتفاع أسعار الفائدة أن يؤدى إلى إنخفاض حجم الإستثمارات وما يرتبط به من إنخفاض حجم التوظيف ومن ثم إنخفاض مستويات الدخول و كذلك إنخفاض معدلات النمو بشكل عام .
وذلك لأن أسعار الفائدة عادة ما تلعب دورا محورياً على شكل وحجم الاستثمار، حيث أن المستثمرين لا يقبلون عادة عوائد على استثماراتهم في الاقتصاد الحقيقي تقل عن العوائد المتاحة والممكن تحقيقها في الاقتصاد المالي.
ومع التأكيد على كافة الأضرار التى تتحقق من وراء إرتفاع معدلات الفائدة داخل الاقتصاد، إلا أن لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى لم يكن لديها بدائل أخرى فى ظل تصدى ادارة السياسة النقدية لكافة المشاكل الناتجة عن التخبط فى ادارة السياسات المالية والتى يسئل عنها بشكل أساسى الحكومات المتعاقبة.
إنها أحد القضايا الهامة التي تواجه حكومة الإنقاذ الوطنى برئاسة الدكتور كمال الجنزورى وتحتاج إلى إعادة التفكير.
|