التاريخ : الأربعاء 21 december 2011 02:28:20 مساءً
كلامي قد يبدو صادما للبعض لكن لابد من مواجهة الحقيقة وعدم المواربة، لكي تكتمل الثورة المصرية ويصح أن نسميها " ثورة " في أدبيات العلوم السياسية والتاريخية، لابد من الانقلاب على المجلس العسكري، ولابد أن يتم هذا على يد الشباب الحر غير المختطف لأجندات أيديولوجية أو سياسية، هؤلاء الذين أشعلوا فتيل النور صبيحة يوم 25 يناير 2011، ثم تواروا عن الأنظار بعدما اُختطف حلمهم، وركب على ظهورهم من أدخلونا في أتون الأزمات المتعاقبة من أجل أجنداتهم الخاصة، آن الأوان ليخرج هؤلاء الشباب مرة ثانية في كل ميادين مصر ليحموا ثورتهم، ويحققوا أول أهدافها وهو إسقاط النظام الفاسد/الفاشي، فمثلما نجحوا في إسقاط رأس النظام المتمثل في شخص المخلوع حسني مبارك، لابد من قطع الرأس الاعتباري للنظام البائد المتمثل في المجلس العسكري الذي يدير شئون البلاد بتكليف من الرئيس المخلوع نفسه.
المجلس العسكري أثبت أنه امتداد للنظام السابق، كما أثبت فشله في إدارة المرحلة الانتقالية بكل تفاصيلها بدءا من الإعلان الدستوري "الساكسوني" الذي تم تنحيته جانبا وساد دستور الصوت العالي، وكانت النتيجة تزوير الإرادة المصرية باسم "الدين" في انتخابات بدت كأنها صفقة بين العسكر والمتأسلمين، مرورا بجرائمه في حق المواطنين الأبرياء وقتلهم بدم بارد في معارك متعددة، وصولاً إلى جريمة سحل النساء وتعريتهم، تلك الأخيرة التي لن تمر مرور الكرام. فأي ديموقراطية هذه التي تتأسس على الصفقات وعدم الاحتكام إلى المرجعية الدستورية، واحترام حق/حرية المواطنين في التعبير، مع الإيمان بضرورة محاسبة من حرّض على التخريب ومن نفذ، لكن الثورة المصرية ليست هؤلاء الأطفال المغرر بهم، وهم في النهاية مصريون ضحية نظام قتل فيهم الأمل في العيش الكريم فلم يجدوا إلا الشارع ملجأ وأيادي ملوثة تختطفهم وتستخدمهم كأدوات لتنفيذ أجنداتها.
وبنفس المنطق ولذات الأسباب التي أدخلت المخلوع حسني مبارك قفص المحاكمة، لابد من إدخال أعضاء المجلس العسكري إلى قفص يسعهم جميعاً، فلم تكن منّة منهم حماية المؤسسات وحفظ الأمن وحماية الثوار كما يتشدقون بهكذا حديث، لأنهم لم يحفظوا الأمن، ولم يحموا المؤسسات، وباعتراف المشير طنطاوي في شهادته أمام المحكمة لم يٌطلب من الجيش فتح النار على المتظاهرين إبان الثورة، هذا ردا على من استعذب رواية أن الجيش رفض قتل الثوار.
ولا أرى تفسيرا لخطاب التحدي الذي ينتهجه الجنرالات العواجيز غير رغبتهم في الاستئثار بالحكم، ولكن نقول لهم: اليوم انتهت اللعبة ولم يعد لكم مكان بيننا في " وسط البلد " .. فعودوا إلى ثكناتكم الطبيعية ولا تتحدوا المجلس الرئاسي المدني الذي يجب أن يعلن عن نفسه الآن .. الآن وليس غداً، ولا ترعبونا بخطابكم الاستفزازي بأن البلد ستتحول إلى خرابة في غيابكم، وإن كنتم وطنيين كما تدعون فلا تماطلوا في تسليم السلطة للمجلس المدني ولا ترفعوا أيديكم عن أمن البلاد، فجيش مصر ملك للمصريين وليس ملك غروركم، فقط أريحونا من وجوهكم.
ولن نقبل أن نتخلص من سيطرة "حزب" لنتحول إلى سيطرة "جماعة"، وإلا ما معنى الديموقراطية التي ننشدها ما لم نؤمن بوجود الإسلامي المصري والمسيحي المصري والليبرالي المصري والعلماني المصري واللاديني المصري، والمرأة والرجل وكل المصريين على اختلاف انتماءاتهم وعقائدهم في مناخ من التسامح وقبول الآخر وعدم إرعاب الناس بخطابات شاذة ومرفوضة من قبيل "اللي مش عاجبه يخرج من البلد.. ولا مكان لغيرنا في مصر".!
يا رجال مصر الأحرار، ويا أيها النخب والعلماء والخبراء أين أنتم؟ أين رجال الدولة ومفكروها؟ اليوم يومكم ومصر تستغيث بكم لانقاذها من قبضة العسكر، والمتاجرين بعرضها وطولها.. شكّلوا المجلس الرئاسي المدني الآن.. نقول لكم الآن!، مجلس من التكنوقراط المحايدين وسيلتف حولكم كل المخلصين لنبدأ تصحيح المسار الذي اعوج بترك ميدان التحرير عقب خطاب تنحي مبارك من دون الإعلان عن هذا المجلس الانتقالي المدني من قلب الميدان، وإن لم تستعد الثورة المصرية مسارها الطبيعي في تطهير البلاد من النظام السابق بكل شخوصه ومؤسساته، فلا عزاء لدماء الشهداء التي روت أرصفة الشوارع والميادين، ولا لعويل الأمهات الثكلى على فقدان فلذات أكبادهن، ولا لإرث ثقيل تجرعه المصريون على مدى الستين عاماً الماضية من قتل وتعذيب وتنكيل واقصاء وفساد وعجز ومرض وجهل وموت للناس وهم أحياء.
تلك عقيدتي الثورية، من يختلف معي سأحترم رأيه بلا شك، ومن يتفق معي فليتبعني لنناقش الأسماء المقترحة للرئاسي المدني!
|