التاريخ : الخميس 22 december 2011 01:12:37 صباحاً
(1)
لا أحد يكره الاستقرار والأمن والسكينة، لكن الاستقرار الحقيقى هو الذى يخلقه وضوح الرؤية والشعور العام بالعدل والاطمئنان إلى مستقبل الحرية والتنمية، وليس ذلك المفروض بيد القوة الباطشة. ولا ننسى أن نظام مبارك حكمنا ثلاثين عاما باسم «الاستقرار والاستمرار» فحول الأول إلى جمود والثانى إلى قعود دائم فى الحكم، ولا يجب أن نتجاهل خبرة التاريخ التى تنبئنا بأن «الاستقرار» طالما استخدم كمصطلح سحرى للثورة المضادة.
(2)
يمكن أن يكون المجلس الاستشارى مجرد شرفة يطل منها «العسكرى» على الحياة المدنية بعيون أكثر جرأة. ويمكن أن يكون قنطرة واصلة بين حالتين سياسيتين مختلفتين، أو مسرباً آمناً لخروج الجنرالات من الحكم تدريجيا، ويمكن أن يتحول إلى عربة يرتادونها بديلة عن عربة البرلمان التى تعانى أصلاً من «عيوب فى التصنيع». الخيار الأسوأ أن يصبح جدارا يختبئون خلفه ليدبروا بليل كل ما عجزوا عن تدبيره فى النهار، أو حبلا غليظا يشنقون به الثورة والثوار.
(3)
قد يكون هناك تضارب حقيقى فى تصريحات أعضاء المجلس العسكرى، ناجم عن تقييم وتقدير شخصى لكل منهم لما يجرى. وقد يكون هذا توزيع أدوار محكوماً بدقة من مؤسسة تقوم أساسا على «الضبط والربط»، أحدهم يطلق بالونات اختبار فإن جاء رد الفعل مسكوناً بنار الغضب يتدخل آخر لإطفاء الحريق. وقد يكون هناك جناحان داخل المجلس فى إدراك طبيعة دوره السياسى الآنى والآتى. فى كل الأحوال على المجلس ألا يضيق ذرعا بردود الأفعال مهما كانت حادة، ولا بالنقد مهما كان لاذعا، طالما هو يصر على أن يبقى فى «مستنقع السياسة» ولو لفترة مؤقتة.
(4)
الدستور الذى تنفرد الأغلبية بوضعه قطعا ستعدله أو تستبدله أغلبية لاحقة. ولذا فمن الأفضل أن تشرع كل القوى السياسية، بصدر رحب وعقل مفتوح، نحو التوافق حول دستورنا المنتظر، شكلا ومضمونا. وليضعوا فى حسبانهم جميعا أن الدستور الحقيقى والراسخ والعصرى هو الذى يقرؤه المواطن، أيا كانت طبقته أو ديانته أو عرقه أو لهجته أو أيديولوجيته أو نوعه، فيشعر وكأنه قد كتب خصيصا لحماية حقوقه، وصون كرامته، والدفاع عن مصالحه.
(5)
فى رواية «أولاد حارتنا» يخفق عرفة «المعرفة» فى أن يتحكم فى مجريات الأمور بعد أن يقتل الجبلاوى «الدين» ويحتاج إليه ويستوحشه ويطلبه كى تستقيم الأمور فى الدنيا. إذن الرواية تقول بجلاء: «لا غنى عن الدين فى الحياة». وفى رواية «رحلة ابن فطومة» يجد بطلها أن الحل فى النهاية هو التماهى فى الذات الإلهية. وفى «أصداء السيرة الذاتية» نعيش حالة صوفية رائقة مع الشيخ «عبدربه التائه». والقيمة المركزية فى رواية «الحرافيش» هى البحث عن العدل. وفى رواية «القاهرة 30» تظهر شخصية مأمون الإخوانى الأكثر نضجا وانضباطا.. هكذا يجرى أدب نجيب محفوظ ويأتى الجهلاء ليرموه بالفسق والفجور وهو بين يدى الله كما لم يرحم أحدهم من قبل شيخوخته وطعنه» وهو لم يقرأ حرفا واحدا له، لكن الأستاذ الكبير تسامى وصفح عنه وسامحه. حقا من جهل شيئا عاداه.
(6)
طوابير النساء أمام اللجان الانتخابية أطول بكثير من نظيرتها للرجال، ومع هذا لا نجد امرأة تنجح فى السباق. إنه لغز لدىّ أسباب كثيرة تساعدنى فى حله، لكننى أريد أن أسمع منكم يا قرائى الأعزاء تفسيرا لهذه الظاهرة التى أوجعتنى.
(7)
يا لشوقى واحتراقى لفضيلة إنكار الذات من أجل المصلحة العامة. إنها القيمة والفريضة الغائبة الآن فى أداء الحركات والأحزاب والنشطاء والبارزين فى مختلف المجالات، إلا من رحم ربى منهم.
(8)
من يزج بقوات «الشرطة العسكرية» أو غيرها من تشكيلات الجيش فى مواجهة المعتصمين والمحتجين والمتظاهرين السلميين يقامر بأمن مصر ومستقبلها، ويتحمل المسؤولية أمام الله والوطن عن العواقب الوخيمة التى ستنجم عن انزلاق القوات المسلحة إلى مستنقع السياسة.
(9)
حين أخرج من شقتى يسبقنى الأمل، وأعود فى نهاية المساء وأنا قابض عليه. تقع عينى على ملصق بوجوه بعض شهداء الثورة ألصقته زوجتى على الباب فى فبراير، فأمعن النظر فيهم وأقول لهم بكل وجدانى وعقلى فى ذهابى وإيابى: والله لن أخون دماءكم أبدا، حتى لو انضممت الآن إلى قافلتكم البريئة الجريئة.
(10)
فى كل مكان أذهب إليه يتناهى إلى سمعى الهتاف الذى يتردد كثيرا على الألسنة: «العصابة هىَّ هىَّ.. شالوا حرامية وجابوا حرامية».
|