التاريخ : الأحد 25 december 2011 12:17:35 صباحاً
تروى الأسطورة أن رجل العصابات الخطير والأشهر في تاريخ "المافيا السودانية" كان يخشى من مؤامرة لاغتياله، بعد أن أمضى سنوات عمره يمارس السلب والنهب والقتل والترويع، وعندما حانت لحظة تقاعده أدرك أن دماء ضحاياه لن تتركه يهنأ بمعاشه الضئيل أو بمزرعته الهادئة في جزر النيل الأزرق لذا قرر أن يختبئ بمصر، ثم هداه تفكيره لأن يصمم جلباباً دواراً بجيب خلفي وأمامي بحيث يبدو لمن يراه ذاهباً ليلاً وكأنه قادم!!..
ولا أدرى كيف يمكن أن أصف لكم قدر النجاح الذي حققه هذا الجلباب في نجاة صاحبه من عشرات المحاولات لاغتياله بفعل حالة الارتباك التي تنتاب قاتله كلما أقدم أحدهم على تصفيته.. تيقن الرجل أن خطته نجحت فقرر وهو على فراش الموت السياسي آلا يستأثر بهذا الجلباب أحد من أبنائه فأهداه إلى شعب مصر العظيم عرفانا منه وتقديراً للأرض الطيبة التي آوته والشعب العظيم الذي غفر له ما اقترفه من الإثم، ويقيناً منه أن مصر دائما مستهدفة مثله وتطاردها المؤامرات لإسقاطها.
منذ لحظة الموت الإكلينيكي لرجل المافيا ارتدت مصر الجلباب الدوار، وكان تأثيره كفعل السحر، فالوطن بأكمله تراه في حالة ذهاب وكأنها عودة أو العكس، ويصيبك شلل تام وعجز كلى عن إدراك اتجاه أو معالم الطريق بفعل حالة الدوار التي تنتابك وأنت تسلط أنظارك نحو الجيب، وبالفعل حلت لعنة الجلباب على كل الخلايا القاتلة التي استهدفت مصر طوال الأشهر الماضية، لكنه في نفس الوقت أصيبت الدولة بحالة من الفعل الترددي فهي تعود إلى الخلف بينما حركتها الظاهرة للعيان في اتجاه الذهاب.. الرجل لم يخبرنا متى وكيف يمكن أن نخلع الجلباب عندما تهدأ الأمور، لأنه فيما يبدو لم يفكر يوماً ما في تغييره لأغراض الطهارة الشخصية، أو ربما أن الجلباب هو من النوع الذي يلتصق ويستحيل خلعه سوى بالضرب والسحل في ميدان التحرير، وحتى تلك المحاولة فشلت عندما تدخل أحدهم وغطى الضحية بعد أن كادت تتخلص من جلبابها الدوار ومعه حالة الارتباك التي تنتابها بين حيناً وأخر.. وأدركت مصر لحظتها أنها أمام مشكلة أخرى، وأنها باتت مطاردة من أجهزة إستخباراتية ومنظمات إرهابية تسعي جميعها خلف أسرار تصنيع الجلباب الدوار.. البيت الأبيض يصدر بياناً كل ساعة يطالب بتسليم الجلباب.. روسيا أعلنت حصارها للموانئ المصرية.. المنظمات الدولية في حالة انعقاد دائم لتبارك أي عمل عسكري تجاه القاهرة في حال إصرارها على احتجاز الجلباب وامتناعها عن تسليم باترونات تصنيعه وفريق العلماء الذي توصل إليه .. الجلباب يشبه إلى حد كبير ذلك القناع السحري الشهير الذي ما أن تضعه على وجهك حتى يلتصق بك ويتملكك ويستحيل الفكاك من.
مؤكد أن صانعه كان داهية عريق في الإجرام، لذلك حذر وهو يهديه إلينا من الفوضى التي يُحدثها، وترك خريطة الهروب منه مبهمة وأخفاها من أركان نظامه وأقرب أبنائه إلى قلبه، وفضلنا على كثيراً من محبيه فأورثنا الفوضى لأجيال أخرى قادمة.
|