التاريخ : الاثنين 26 december 2011 05:56:09 مساءً
لا أعرف على أى أساس قرّر اثنان ممن يُفترض بهما الفهم السياسي، بدليل أنهما من المرشحين المُحتملين لمنصب رئيس جمهورية مصر العربية، وهما أيمن نور، مؤسس حزب "غد الثورة"، وحمدين صباحى، مؤسس حزب "الكرامة"، أن يدخلا فى تحالف مع جماعة الإخوان المسلمين لخوض غمار منافسات الانتخابات النيابية.
لا أتكلم هنا عن اختلاف الأيديولوجيات والأفكار والمبادئ، ففى السياسة لا يوجد أصدقاء دائمين ولا أعداء دائمين، وبالتالى قد يكون مفهومًا -وفقًا لمبدأ "الغاية تبرر الوسيلة"- أن يتحالف أيمن نور وحزبه الليبرالى مع جماعة يُعلن مُرشحوها والمحسوبون عليها، عداءهم لليبرالية ويُشهرون سلاح الدين فى وجه مُنافسيهم الليبراليين الآخرين، بينما الليبرالية عمادها الأساسى هو "الحرية والتحرّر من سلطة علماء الدين"، ليس لموقف من الدين فى حد ذاته، وإنما حرصًا على تعميم مفاهيم المُواطنة والمساواة وعدم التفريق بين الناس على أساس العقيدة أو الجنس أو العرق.
ووفقًا لذات المبدأ يتحالف حمدين صباحى وحزبه "الكرامة" بمبادئه القومية الناصرية وميوله اليسارية، مع جماعة يمينية بينها وبين الناصرية وزعيمها جمال عبدالناصر، عداء ومعارك يحفظها التاريخ ويعرفها طلبة الابتدائى وهواة السياسة والصحفيين تحت التمرين، بالإضافة إلى خلافات فكرية أساسية فى الفهم والتطبيق السياسي.
وبين التيارين "الليبرالى" و"الناصري" خلافات أخرى لكنهما على الأقل لهما مواقف محسومة، تختلف بشكل ما عن مواقف جماعة الإخوان المسلمين وحزبها "الحرية والعدالة"، فيما يتعلق بمفهوم مَدنية الدولة وعلاقة الشريعة بالتشريع، ودور المرأة وآليات العمل الاقتصادى ومدى تورّط الدولة فى الأعمال الاقتصادية وطبيعة السوق وحجم تحررها.
لا أتكلم عن ذلك أيضًا، فالخلافات موقعها التطبيق والتحالفات تنتهى فى الصناديق، لكنى أتكلم عن فهمهما –أى نور وصبّاحى- لطبيعة الجماعة التى ترى نفسها ديناصورًا قائدًا، قادرًا على ابتلاع أى "حليف"، بدليل أنها -وهى المُستحوذة على 149 مقعدًا فى المرحلتين السابقين من الانتخابات- لم تمنح سوى 16 مقعدًا لحلفائها مُجتمعين منها 5 مقاعد فقط لحزب الكرامة، بالإضافة إلى مقعد غير محسوم فى "الدائرة الأولى – قوائم" بالقاهرة لأمين إسكندر، ومقعدين غير محسومين لحزب "غد الثورة" بالجيزة وأسيوط، والباقين عددهم 7 مستقلين لا يتبعون أحزابًا، ومقعدين لحزب الحضارة أحدهما بالقائمة والآخر بنظام الفردي، ومقعد واحد لأحزاب "العمل" و"الإصلاح".
وبحسبة بسيطة منحت الجماعة لخمسة أحزاب مُتحالفين معها 9 مقاعد فقط بنسبة تقل عن 10% مما حصلت عليه لنفسها.
والسؤال هنا: هل هذا هو غاية ما تمنّاه مُرشحا الرئاسة من إدخال حزبيهما فى هذا التحالف، أم أن هذا العدد الهزيل من المقاعد يمثل حجمهما الواقعى على الأرض؟، وبالتالى فإنهما يعرفان أن فرصهما فى التنافس على المقعد الرئاسى تكاد تكون معدومة لأنهما بلا شعبية ولا أصوات، خاصة أن الجماعة أعلنت -مطلع الأسبوع- أنها لن تُدعّم أيًا من المرشحين المُحتلمين الموجودين على الساحة الآن، ومنهما بالطبع "الأخ صبّاحي" و"الأخ نور"، وهو ما يجعل الكلام عنهما كمُرشحيّن رئاسيين مجرد حملة علاقات عامة ودعاية وإعلان ومُسمى وهمى لا أساس له على الأرض.
وإذا كانت السياسة تُعلى -بحكم قذارتها- مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة"، فإن الغاية هنا والحصاد الذى ناله حزبا "الكرامة" و"غد الثورة" لم تكن لتُبرّر الاستمرار فى هذا التحالف الذى نجا منه حزب الوفد فى اللحظات الأخيرة، وكانت النتيجة أن حصد وحده 25 مقعدًا برلمانيًا فى المرحلتين السابقتين، تضعه مُنفردًا فى مكانة "ممثل المعارضة بالبرلمان القادم" ما لم يبتلعه ديناصور الإخوان بتحالف ما بعد الانتخابات وكمالة عدد، لحصد الأغلبية المُطلقة.
الى الإخوان نور وصباحي .. طيروا انتوا |