التاريخ : الأربعاء 28 december 2011 10:02:10 مساءً
إن الحديث عن نهضة التعليم لا يكتمل ولا يصح بدون الحديث عن أساليب التعليم والمناهج التي يدرسها الطلاب خلال رحلة التعليم وعليه فيجب ان تتغير طريقة ووسائل التعليم التقليدية ، تلك الطرق القديمة والتي جعلت الميزة التنافسية الرئيسية للطلاب أو طريقة الحكم على ادائهم العلمي تتمثل في القدرة على الحفظ بغض النظر عن الفهم ، هذا النمط يجب أن يتغير إلى نظام جديد تكون فيه الميزة التنافسية من خلال شحذ خيال الطلاب وقدراتهم الإبداعية في التفكير والتأمل إلى جانب ضرورة تغيير أدوات الدراسة من أجل خلق بيئة دراسية جديدة تعتمد في أساسها على العلم والتكنولوجيا ولنا في تجارب الغير خير مثال على ذلك إن عرفنا أنه في تركيا سيتم توزيع عدد خمسة عشر مليون لوحة إليكترونية على الطلاب يتم وضع المناهج الدراسية عليها من اجل خلق بيئة علمية وتكنولوجية جديدة ، إن كان هذا عسيراً علينا في الوقت الحالي فيجب علينا أن نضعه أمامنا كهدف ومن ثم نبدأ في وضع وتحديد الخطوات اللازمة لتحقيق هذا الهدف
للمناهج التعليمية في الأساس جانبين رئيسيّن ، النفسي والعقلي ، أما الجانب النفسي فيكون من خلال تأهيل الإنسان المصري الناشئ ليكون مصرياً خالصاً لا يشوب إنتمائه للوطن أى شوائب أخرى، يجب ان تعمل المناهج على غرس روح المواطنة في نفوس الطلاب وتعميق الإحساس لديهم بمصريتهم وعروبتهم وزرع الإنتماء الحقيقي للوطن في نفوسهم ، يجب أن نعمل على تدريس سير الشخصيات المصرية العظيمة والتي أفادت مصر والعالم بإبداعاتها وإنجازاتها في كل زمان ومكان ، فمن رفاعة الطهطاوي إلى قاسم أمين وعلى باشا مبارك وأحمد شوقي ومصطفى مشرفة وزعماء الحركة الوطنية مروراً بمصطفى محمود وزكي نجيب محمود وإنتهاءً باحمد زويل ومصطفى السيد ( مع حفظ الألقاب لتلك القمم ) ، كل هؤلاء وغيرهم من عظماء مصر في مجالات العلوم المختلفة يجب أن يكونوا على قمة هرم إهتمامات وأولويات المصريين في الدراسة والتعليم وأن يكونوا مصدراً رئيسياً من مصادر الإلهام للطلاب المصريين في جميع مراحل التعليم المختلفة .
لا يكتمل الحديث عن الجانب النفسي من المناهج الدراسية بدون الحديث عن ضرورة تعلم اللغات الأجنبية وتحديداً الإنجليزية والفرنسية والأسبانية والتي أصبحت لغات العلم الرئيسية هذه الأيام ، حيث أنه بدون إتقان هذه اللغات أو على الأقل الإنجليزية سيصبح التعامل مع مجريات ومتغيرات العصر الحالي في منتهى الصعوبة إن لم يكن مستحيلاً ، لهذا فيجب التشدد في ضرورة تعليم هذه اللغات للنشأ الصغير ولشباب المدارس والجامعات ، وأيضاً يجب على كل فرد أن يهتم بتعليم نفسه هذه اللغات بعيداً حتى عن وسائل التعليم التقليدية في المدارس والجامعات من خلال قراءة القصص والأدبيات المكتوبة بهذه اللغات ومن خلال الإطلاع على أشهر الصحف الاجنبية والتي يمكن الوصول إليها من خلال مواقعها الإليكترونية والإستماع إلى دروس تعليم هذه اللغات والتي أصبحت متوفرة وبكثرة إما من خلال الوسائل التقليدية مثل الكتب أو من خلال الوسائل الجديدة مثل التعلم من خلال شبكة الإنترنت .
أما الجانب العقلي من المناهج ، فيجب أن نشدد على أهمية دراسة العلوم التطبيقية ، حيث يجب أن نهتم ونركز على تشجيع أولادنا على دراسة العلوم التطبيقية مثل الكيمياء والفيزياء والرياضيات مع توفير الإمكانيات اللازمة للتعلم فتلك العلوم هي أساس النهضة في المجتمعات المتقدمة ، فهي التي تصنع الأقمار الصناعية وتتشأ السكك الحديدية وتشيد البنيان ولكن أيضاً مع عدم إغفال أهمية دراسة العلوم الإنسانية مثل الفلسفة والأدب والحقوق فتلك العلوم هي التي تغرس في النفوس القيمة الحقيقية للحياة والعلم بالإضافة إلى أهم قيمة لهذه العلوم وهي تعليم الإنسان فضيلة التسامح ، فالمجتمع المبدع هو المجتمع المتسامح مع نفسه ومع غيره ، فبدون تسامح لا يمكن للحضارة أن تنشأ ولا يمكن للتقدم العلمي المادي أن يستمر .
أخيراً وليس آخراً يجب ان يكون الهدف الرئيس من العملية التعليمية لدينا هو تكوين إنسان مصري قادر على التواصل مع الآخر و خلق الفرص وإستغلالها بطريقة سلمية تعود عليه بالنفع في النهاية و أيضاً مواجهة التحديات التي يفرضها عليه واقعه المركب والمعقد في عالم لا يحترم ولا يعترف إلا بعقل حديث له هوية واضحة وخالصة .
|