التاريخ : السبت 31 december 2011 05:00:58 مساءً
ساعات معددوة ونستقبل العام الجديد وبعده بأيام قليلة تأتينا أول ذكرى " للحرب العالمية الثالثة " نعم هذا هو المسمى الأدق للتعبير عن ثورات الشعوب الكادحة التي تفجرت في عام 2011، والتي بدأت في العالم العربي ( دول العالم الثالث )، وأمتدت إلي عدد من الدول الغربية ( العالم المتقدم).
فالاحتجاجات والإضرابات صعدت بنفس الطريقة وبنفس المنطق؛ لتحقق هدف وحيد، وهو رفع المعاناة عن البشر وتحريرهم من قيود الدولة البوليسية، دون تفرقة بين الدول النامية والمتقدمة، ولا أعتقد أن في ذلك أمر عجيبا، إذا عرفنا أن منطق القهر والظلم والاضطهاد واحد، في كل مكان في العالم، وإن تغيرت ملامحه. كما أن نتائجه ـ أيضا ـ واحدة وهي: امتهان الكرامة الانسانية وتحويل البشر إلي سلع تباع وتشترى، وتسخير كل إنسان يمكن السيطرة عليه من جانب أصحاب السلطة ـ بغض النظر عن مكانته العلمية أو الإجتماعية ـ لخدمة فئة قليلة من المجتمع ممن يطلق عليهم لفظة "الصفوة" أو "علية القوم" الذين يملكون السلطة ورأس المال.
فالحرب الجديدة لم يكن أطرافها دولا تتعارك فيما بينها بواسطة جيوش جرارة مدربة، بغض النظر عن مدى تكافؤ الأطراف المشاركة فيها، وإنما هي حرب ( شعوب ) أحد أطرافها المدنيين العزل، الذين لا يملكون أية قوة غير إبداعهم الثوري وابدانهم الضعيفة، ولا يحركهم سوى احساسهم بالقهر والعبودية، ضد طرفها الثاني وهم "الصفوة الحاكمة" في كل دولة، بما تملكه من قوة رأس المال والسلطة السياسية وسطوة الآلة العسكرية.
وهنا يثور التساؤل حول مصير هذه الحرب والمنتصر فيها، هل سيكون "قوى الشعوب" أم "الصفوة الحاكمة"، فكل منهما يملك قوة جبارة لا يمكن للآخر القضاء عليها بسهولة أو حتى تقزيمها علي الأقل في المدى القريب، كما أن الوصول إلي حالة من التوافق بينهما بات أمرا صعبا للغاية، رغم حتميته مهما كانت التضحيات التي يقدمها كلا الطرفين.
وبالرغم من مرور عام علي انتفاضة الشعب المصري وثورته ضد نظام "مبارك" الذي سلب منه أبسط الحقوق الإنسانية، فلم يستطع أحد أن يتنبأ بمصير هذه الثورة مع بداية العام الجديد، خاصة في ظل هدوء حالة الفوران نسبيا ـ أو كما يبدو كذلك ـ لدى الشريحة العريضة من المجتمع، واقتصار الصراع علي قادة النظام وذيوله من القوى السياسية الأخرى التي كانت موجودة في الأساس من قبل، والتي تغيرت ملامحها بدرجات متفاوتة، بعد ظهور المليونيات في الشوارع والميادين، ونجاح بعضها في اجتذابها تعاطف عدد من الثوريين لها، مما أدى إلي اتساع نطاق هذا الصراع بشكل كبير جدا مقارنة بما كان عليه قبل 25 يناير.
وبعيدا عن كل التنبؤات، فإني اتمنى أن يكون عام 2012 مليئا بمزيد من الانتصارات للشعوب الكادحة، وأن ينجح الشعب المصري في إفراز قيادات ثورية حقيقية من داخله تكون قادرة علي قيادة مسيرته نحو الحرية وتحقيق مطالبه، وتكون قادرة علي هزيمة شيوخ الصفوة من السياسيين والمثقفين المزيفين والمُزيفين، وليس فقط هزيمة قيادات نظام مبارك.
|