التاريخ : السبت 14 january 2012 06:49:22 مساءً
هل قامت ثورة فى مصر يوم 25يناير2011؟! . ألقى الرجل بسؤاله على الحاضرين، ثم أردف مجيباً فى سرعة حاسمة "إن ماحدث فى يناير لم يكن ثورة بل إنتفاضة شعبية".
كانت وجهة النظر تلك غريبة وغير مقبولة لدى كثيرين – وأنا منهم- ممن حضروا قبل أكثر من ثلاثة أشهر محاضرة عقدتها الجامعة الأمريكية كان الحديث فيها لديفيد أوتاوى الباحث الأمريكي بمركز "وودرو ويلسن" للدراسات بواشنطن، ورئيس مكتب جريدة "واشنطن بوست" بالقاهرة منذ السبيعينيات.
أوتاوى قال إن الثورة المصرية الكاملة حدثت بالفعل فى 23يوليو1952، وحجته فى ذلك ما شهدته مصر من تغييرات جذرية على المستوى الإقتصادى والإجتماعى بفعل حركة الضباط الأحرار، فالبلاد تحولت من ملكية إلى جمهورية ومن نظام ليبرالى الى آخر إشتراكى شمولى، وهو مالم يحدث فى يناير 2011 من وجهة نظره.
يعتقد كثيرون أن ماحدث لم يكن أكثر من "إنقلاب شيك"، أو بتعبير مركز التنبؤات الإستخباراية الأمريكى "إنقلاب عسكرى هادىء" دبره جنرالات الجيش لإنقاذ النظام وتيسير خروج "صديق قديم" منه، فى إشارة الى مبارك وهو مابدا أقرب الى الواقع .
صحيح أن مفهوم الثورة الشاملة أبعد وأعمق مما حدث قبل عام مضى، لكن أياً كان التوصيف فلايمكن لذى عقل وعينين أن ينكر أن ماحدث كان إنتفاضة شعبية عفوية تلقائية غير مُسيسة قادها جيل سأم العيش فى مهانة ومذلة فقرر أن يقول "لا" على طريقته الخاصة، وبالتالى لايمكن أيضا أن نعتبر أن المؤسسة العسكرية – وإن كانت لها يد في ماحدث قبل أن يحدث - هى صاحبة الفضل الأوحد فيما حدث.
الآن وبعد أن مر قرابة العام الكامل على 25 يناير 2011، نجد أنفسنا أمام مشهد يختلف تماما عن المشهد الذى أدى فيه اللواء الفنجرى التحية العسكرية لأرواح شهداء "ثورة 25 يناير المجيدة"، فأحد الأطراف الأساسية فى اللعبة وهو "الثوار" وجد نفسه خارجها بفعل فاعلين وبطريقة رخيصة دفعت الكثيرين ممن خرجوا الى الميدان يرون أن ثورتهم لم تكتمل وأن ماحدث كان مجرد "هوجة"، لذا قرروا الخروج مجددا فى 25 يناير المقبل أملاً فى صناعة ثورة حقيقية.
فى رأيى الخروج من أجل الضغط لا لشىء آخر يعتبر تفكيرا سليما لاينبغى التراجع عنه، بينما أصبح الآن حتميا على المجلس العسكرى أن يتحلى بقليل من الرومانسية الثورية، وعلى الثوار أن يتسموا بشىء من البراجماتية السياسية . فى تلك اللحظة فقط قد يكون هناك مجالاً للوصول الى نقطة وسط وإلا كانت عواقب "الإقصاء" مُهلكة.
والله وأعلم.
|