التاريخ : الأحد 22 january 2012 08:15:46 مساءً
سكت الشعب المصرى دهراً ونطقا ظلماً حينما حمل محافظ البنك المركزى المصرى الدكتور فاروق العقدة وحده مسئولية الإحتفاظ بحسابات أرصدة تصل الى 9.2 مليار دولار لا يصرف منها إلا بإذن رئيس الجمهورية، وهى تلك الأموال التى منحتها بعض الدول العربية وأودعت طرف البنك المركزى عقب مشاركة مصر فى حرب تحرير الكويت، بالإضافة الى بعض الأموال التى قدمتها بعض الدول العربية لمصر عقب زلزال عام 1992.
لقد تحمل محافظ البنك المركزى الحالى ومن سبقه على مقعد المحافظ المسئولية فى الإحتفاظ بتلك الأرصدة وإدارتها وتعظيم العوائد عليها لتصل الى 9.2 مليار دولار من أصل تلك الأموال والتى كانت تقدر بنحو 4.3 مليار دولار عند ورودها مع بداية عقد التسعينات، ثم تحمل محافظ البنك المركزى الحالى المسئولية مرة أخرى حينما إعترف بإن الإحتفاظ بتلك الأرصدة للصرف منها بإذن رئيس الجمهورية هو وضع خطأ يتحمل مسئوليته هو ومن سبقه على مقعد محافظ البنك المركزى منذ إنشاء تلك الحسابات، وأن ذلك الوضع الخطأ يجب عدم الإستمرار فيه أو تكراره فيما بعد مع أى رئيس قادم.
فليس من شك فى أن الأصل فى الأموال العامة أن تكون تحت الوصاية العامة وأن الأموال الخاصة تكون تحت الوصاية الخاصة، وفى حالات الإشتباة فى إرتكاب جرائم توضع الأموال الخاصة تحت الوصاية العامة، أما الجديد الذى أتى به الرئيس المخلوع وبدأ بتطبيقه على نفسه فهو أن الأموال العامة توضع تحت الوصاية الخاصة.
ويمكن لنا أن نتوقع رد الرئيس المخلوع فى أى تحقيقات تجرى معه بشأن الإحتفاظ بتلك الأرصدة تحت تصرفه الخاص بأنه خاف عليها من الهبش، وهو ذات الرد الذى جاء بتحقيقات النيابة عند إستجوابه عن الإحتفاظ بإرصدة مكتبة الأسكندرية والتى كانت مودعة بالبنك الأهلى المصرى تحت تصرفه الشخصى أيضاً.
وإذا حمل الشعب المصرى محافظ البنك المركزى الحالى ومن سبقه المسئولية عن الإستمرار فى حسابات إنشئت على وضع خطأ، فعلى الشعب المصرى أيضاً أن يحمل ذاته المسئولية فى الخطيئة التى إرتكبها بالإختيار الخاطىء لشخص رئيس الجمهورية وبالسكوت على مدار ثلاثة عقود من الفساد والإستبداد والظلم، بل والمحافظة على رئيس ظل يدير مصر من خلال منطق الهبش.
وكان نتاج ذلك إفساد الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى مصر وإستباحة دماء الشعب ونهب وسرقة الممتلكات العامة والخاصة.
لقد أكد محافظ البنك المركزى من خلال إعترافه بذلك الخطأ أنه رجل يتسم بالجرأة والشجاعه والتى نفتقدها فى الكثير من المسئوليين الذين يصرون على إرتكاب الأخطاء ويصرون كذلك على الدفاع عنها.
وعلى الجميع الآن التركيز على العمل والإنجاز وتصحيح كل ما هو وضع خطأ أرتكب فى مرحلة تعد الأسوء فى تاريخ مصر، وبعيد عن الإستغراق فى توجية الإتهامات بإعتبار أن الكل شريك فى تحمل مسئولية ما حدث ويتحمل مسئولية ونتيجة ما سوف يحدث.
إن نظرية التشكيك فى بعضنا البعض سوف تقود الجميع الى التدمير وسوف تقود مصر الى مصير مجهول، وعلى الجميع أن ينأى بنفسه بعيداً عن الجنوح يميناً ويساراً، فالحق واضح والباطل واضح ومن وراء الحق معروف ومن وراء الباطل أصبح مفضوح.
أنها أحد القضايا المهمة التي تواجه كل من ينحاز يميناً ويساراً من الشعب المصرى وتحتاج إلى إعادة التفكير. |