التاريخ : الأربعاء 01 february 2012 08:32:04 مساءً
لا اعتقد أنه لا يوجد بيننا من لم يعاني يوما من مأساة قطع الطريق التي باتت ظاهرة يومية، تحدث ليل نهار، حتى أن احدهم قال ساخرا " النهارده يا جماعة مفيش قطع طريق مقطوع تخيلوا! "
قطع الطريق آفة الناظر الى مصلحته الشخصية فقط، وما سواها ليس له أهمية أو اعتبار أو قيمة، حتى ان كانت حياة مواطن اخر، فليمت هذا المواطن، من أجل أن أعيش أنا، احصل على مال أكثر، أو وظيفة مناسبة، أو بضع لترات من البنزين أو حتى أنبوبة غاز .. تخيل معي لم تعد حياة المواطن تساوى حتى قيمة أنبوبة غاز .. كيف نفهم هذا السلوك الغريب والشاذ .. يوميا يفاجئنا الإعلام بطرق مقطوعة هنا وهناك، شوارع رئيسية وحيوية، طرق سريعة ودولية، كباري وسكك حديد ، والأسباب متباينة ، بعضها يحتاج الى إعادة نظر من جانب الدولة مثل العمال المؤقتين الذين يرغبون في التثبيت، أو الموظفين والعمال أصحاب المرتبات الضعيفة التي لم تعد تناسب أسعار هذا الزمان، والكثير من هذه الأسباب غير منطقي، ويصعب على العقل أن يستوعبه، مثل قطع شريط السكة الحديد في قنا لان المحكمة أجلت إحدى القضايا الخاصة بأحد المرشحين، أو قطع الطريق الدائري من قبل سائقي النقل الثقيل لان أسعار " الكاوتش" و" الزيت" و" السولار " مرتفعة ولابد من تقليلها ، أو قطع الطريق في محافظة المنيا للمطالبة بفتح قضية حكم فيها منذ 4 سنوات، والمتهم يقضي عقوبته، أو بعض البدو الذين قطعوا الطريق الدولي للمطالبة بالإفراج عن بعض المتهيمن المتورطين في أعمال إرهابية ومحكوم عليهم، ويقضون العقوبة، ولأن البدو غير، فهم يقطعون الطريق مدججون بالأسلحة الخفيفة والثقيلة في تحدي سافر للدولة والقانون.. بالله عليكم ما هذا الهبل والجنان؟ والهو لا يمكن أن أسميه غير ذلك.
الغريب هو موقف الأجهزة الأمنية التي بدا واضحا تماما انها اتخذت قرارا بعدم الاحتكاك مع أي مواطن يقطع الطريق، حتى لو كان يفعل ذلك دون مبرر، ومن ثم تجرأ الجميع، على هيبة الدولة، كل من تصادفه مشكلة لا يجد سوى الطريق ليقطعه .. لماذا لا تبادر الدولة بإنشاء جهاز متخصص لتلقي شكاوى المواطنين والعمل على سرعة حلها؟ لما لا يثق الناس في الدولة؟ لماذا انكسرت هيبة الدولة بهذا الشكل؟ ولماذا لا تبادر الشرطة بتطبيق القانون، وتلقي القبض على قاطعي الطريق الذين يعطلون مصالح ألاف البشر من حولهم؟
ما يعجبني ان الثوار الشرفاء انتبهوا إلى هذا، ولم يقطع طريق في الاعتصام الأخير، طريق الكورنيش يعمل أمام ماسبيرو، وكذلك ميدان التحرير ، والشباب هم من يسيرون حركة السيارات..
نعلم جميعا أن قطع الطريق يشكل ضغطا قويا على الأجهزة للمسارعة بحل المشكلات، وهو ما استغله البعض ممن لا حق لهم في شئ، ليحاولا إجبار الدولة على إعطائهم حقوقا لا يستحقوها، مثل أهالي الضبعة الذين تنازلوا عنها طواعية منذ سنوات، وبمقابل مادي، ثم تذكروا الآن أنهم يمكنهم في ظل هذه الفوضى، وفي ظل اللادولة أن يحصلوا على غنيمة أكبر فبادروا باحتلالها من جديد، وقطعوا الطريق، مطالبين بتعويض مادي أكبر بأسعار هذه الأيام.. العجب كل العجب ، وسبحان مغير الاحوال .. كنا نعاني من صمت المصريين، والآن نعاني من كثرة حديثهم.
|