التاريخ : الأحد 12 february 2012 02:34:03 صباحاً
"لاسيطرة للولايات المتحدة على الإتفاق مع صندوق النقد " بادر الرجل الأربعينى موجها كلماته لنظيرٍ له كان يحدثه عبر الهاتف . قابله الأخير برد يحمل نبرة أكثر ندية وتحدياً قائلا "ونحن أيضا لاسيطرة لنا على التحقيقات الجارية بشأن منظمات المجتمع المدنى".
لم يكن الأربعينى سوى الرئيس الأمريكى باراك أوباما، ولم يكن نظيره سوى المشير حسين طنطاوى الرئيس الحالى للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، والحديث بين الإثنين كان كما قالت وكالة "رويترز" حول المفاوضات بشأن القرض "المتعثر" من صندوق النقد الدولى لمصر، وملف تمويل منظمات المجتمع المدنى.
بالطبع ليس كل مانراه على السطح هو الحقيقية، ربما كان نصفها أوربعها أوحتى لاشىء منها على الإطلاق . مايطفو من خلافات آنية بين الإداراتين الأمريكية والمصرية يظهر أن الأمر يتعلق بقضية التمويل الأجنبى لمنظمات المجتمع المدنى، غير أن مايدور فى الكواليس ومن وراء الحُجُب– التى قد لايعلمها سوى صانعى القرار أنفسهم- قد يحمل عكس ذلك تماما.
من الخطأ أن يُنظر الى أن الأزمة "المؤقتة" بين القاهرة وواشنطن سببها هو ملف التمويل، فالمعطيات تشير الى أن قرض النقد الدولى هو الدافع الأجدى والأكثر إقناعاً، فأمريكا لها حصة فى الصندوق تصل الى 17%، ولها أيضا الكلمة المسموعة والقوة التصويتية التى تجعل من موافقتها شرطا على توفير قرضا لهذه الدولة أو ذاك، وهى القوة ذاتها تقريبا فيما يتعلق بمبادرة الثمانى الكبار "دوفيل"، ولايمكن لذى عقل وعينين أن يفصل بين السياسة والإقتصاد فى أوقات مثل هذه.
إذا ماالسبب الحقيقى الذى دفع المجلس العسكرى أو الحكومة الى إكتشاف أن فى مصر 17 منظمة حقوقية أجنبية ومحلية تعمل بأموال أجنبية (جزءا منها أمريكا) فجأة، رغم إن معظمها إن لم يكن جميعها يعمل منذ مالايقل عن 7 سنوات (منها سنة تحت حكم المجلس العسكرى) تحت سمع وبصر الأجهزة الحكومية، بما فى ذلك الأجهزة الأمنية بالطبع ؟.
الأمر يشبه كثيرا ماتفعله حركة حماس عندما تقوم بإختطاف جندى إسرائيلى لتفاوض عليه الإسرائيليين بعد ذلك، فمن ناحية حكومة الجنزورى تواجه أزمة حقيقية فى توفير التمويل اللازم لسد عجز الموازنة المتفاقم، بعد تنصل دولاً عربية على رأسها السعودية من تعهداتها بدعم الإقتصاد المصرى، مايعزز من فكرة وجود تعليمات أمريكية بتضييق الخناق على مصر . من ناحية أخرى يضع صندوق النقد الدولى شروطا أكثر تعقيدا مما كانت عليه قبل أشهر عندما رفض المجلس العسكرى فكرة الإقتراض التى قال إنها تحمل شروطا تمس السيادة المصرية ثم عاد مجددا للمطالبة بالقرض ذاته!
الأمر هنا لايتعلق بالدفاع عن منظمات المجتمع المدنى بقدر مايتعلق بتحويلها الى "أسير" للتفاوض عليه بعد ذلك . خلاصة القول أن لعبة "شد الحبل" بين القاهرة وواشنطن لن تطول، و سقف التصعيد لن يرتفع عما هو عليه الآن، غير أن كلمة السر فى ذلك هى مفاوضات قرض النقد الدولى، وهو ماستكشف عنه الأيام المقبلة.
والله أعلم. |