التاريخ : الخميس 16 february 2012 01:31:18 مساءً
ليس هذا شعارًا جديدًا أرفعه وأدعو إليه، وإنما هو واقع نعيشه منذ ما سُمِّىَ بعودة الشرطة لمنزل الزوجية بعد الطلقة الأولى فى الثامن والعشرين من يناير، حين قررت الشرطة أن تلم "هدومها" وتترك منزل الزوجية، معلنة أنها طلقت الشعب، مستندة إلى أن العصمة فى يدها!
طلقت الشعب وأطلقت عليه الرصاص، والخرطوش، والمطاطى، والغاز القديم والجديد، والماء، والسجناء... أطلقت عليه البلطجية، وقطاع الطرق، والحرامية، لتؤكد لنا أن غضبها "وِحِش".
تدللت، وتعززت، وتمنعت، حتى توسط الطيبون لدى عقلائها، فعادت وعلى وجهها ابتسامة غاضبة.. ابتسامة تمتزج فيها كل المعانى المتناقضة: نَدَمٌ وتشفٍّ، تَصَالَحٌ مَشُوْبٌ برغبة فى الانتقام، لين مع شدة، جدية مع تراخٍ... وكيف لا.. وأصابع يدك ليست كبعضها؟!
أَلَحَّ مجلس الشعب -وما زال يطالب- بسرعة تطهير الداخلية، فمن غير المعقول ولا المقبول أن تظل نفس القيادات التى خرَّبتْ مصر وعاثت فيها فسادًا واستبدادًا فى مواقعها، أو يقومون بمناورات مضحكة.. يتبادل فيها الباشوات مواقعهم، فى تحدٍّ مقيت لمشاعرنا.. لا يساورنى شك فى أن ما يجرى يدخل فى نطاق الاستفزاز الممنهج الذى يسعى القائمون عليه إلى الوصول بنا لما أُحَذِّرُ منه دائمًا، وهو استسلامنا لليأس قبلهم.
فى النهاية سينتصر الشعب بشرط واحد، وهو ألا يتسرب اليأس إلى قلوبنا، وألا نقبل أبدًا بأنصاف الحلول، ونهدر فرصة قد لا تتاح مرة أخرى إلا بتضحيات أكبر من التى سجلها شهداؤنا الأبرار ومصابونا ومناضلونا الذين سعوا إلى الشهادة فى كل ساحة من ساحات الصدام مع قوى الغدر والاستبداد التى ما زالت تحلم بإعادة عصر مبارك الأول أو الثانى.
"لسه عندهم أمل"، فهم لا يعلمون أن الله وعدنا النصر حين قال: "إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم".
لم يعد عندى أمل فى أن تقوم الداخلية بتطهير نفسها، خصوصًا وأن قرار التطهير يعنى قيام القيادات بعزل أنفسهم! أيعقل هذا؟ لذلك وجدتنى أفكر فى حل أعرف مقدمًا أن أول تعليق عليه سيكون: "ليس لما تقترحه مثيل فى العالم!!"؛ إن مثل هذه التعليقات المنكرة للإبداع والابتكار والتحرر الفكرى تزيدنى تمسكًا بالمُضىِّ قدمًا فى تشجيع عقلى على الانطلاق بغير حدود.
أطرح الفكرة عليكم وعلى زملائى نواب الشعب: فى تقديرى أن دمج وزارتى الدفاع والداخلية فى وزارة واحدة سيحقق الكثير من المزايا: فى الوزارة الجديدة سيكون هناك قطاع للأمن الخارجى وقطاع للأمن الداخلى.. الأمن الخارجى يتولى كل شؤون الدفاع عن البلاد وأمن حدودها، فى حين يتولى قطاع الأمن الداخلى كل ما تولته الداخلية من مسؤوليات أمنية، بعد تنحيتها عن كل الخدمات العجيبة التى كانت تتولاها فى الدولة البوليسية.
اندماج الوزارتين يسمح لنا بالتخلص فورًا وبشكل آمن من كل عناصر الفساد والبطش التى تربت فى مدرسة الداخلية خصوصًا فى عصر العادلى، كما سيسمح بمرونة شديدة فى الاستعانة بالأمن الداخلى –عند الضرورة- لحماية الحدود والأمن الخارجى، كما يجعل نزول الجيش للمعاونة فى الأمن الداخلى قرارًا ميسرًا لا يحتاج إلى إعلان الأحكام العرفية أو حالة الطوارئ أو غير ذلك من الأوضاع الاستثنائية التى أصابتنا باختناق يفوق فى تأثيره اختناق الغاز الجديد.
دمج الوزارتين له مزايا كثيرة، ولكنه يفتح الباب لبعض التساؤلات المتعلقة بكيفية مراقبة أداء هذه الوزارة وميزانيتها!
من وجهة نظرى ليست هناك أى مشكلة فى أن تخضع هذه الوزارة للرقابة الشعبية الكاملة المتمثلة فى مجلس الشعب، كما تخضع سياسيًّا لرئيس الجمهورية الذى يستمد شرعيته من إرادة شعبية حرة تنتخبه بشكل مباشر.
أما مسألة ميزانية التسليح التى تُشْهَر فى وجوهنا كلما تحدثنا عن ضرورة إخضاع ميزانيات الجيش للرقابة الشعبية، فحلها يمكن نقله عن تجارب أخرى عديدة، وهناك من هم أقدر منى على الحديث عن شروط تكوين مجلس أمن قومى ينتخب مجلس الشعب عددًا من نوابه ليمثلوا الشعب فيه.
أعود لعنوان سابق لإحدى مقالاتى: "هناك دائمًا أكثر من حل"؛ لقد آن الأوان للتعامل الجاد والحاسم مع مشكلات الأمن التى أجمع المصريون جميعًا –أحرارهم وفلولهم- على أهمية التصدى لها.
|