التاريخ : الثلاثاء 21 february 2012 02:00:23 صباحاً
وحدهم شباب الثورة من دفعوا فاتورة 25 يناير، بعد أن تحوّلت المرحلة الانتقالية نحو الديمقراطية التى خرجوا من أجلها إلى "مرحلة انتقامية" منهم، سواء ممَّن توّلوا إدارة المرحلة أو حتى من القوى السياسية التى قفزت على الثورة وجنت وحدها الثمار، بعد أن حوَّلت أهداف الثورة من "عيش، وحرية، وعدالة اجتماعية" إلى مقاعد برلمانية وسلطة وقداسة وحصانة ونفوذ.
اسمان فقط من شباب الثورة بلغوا البرلمان هما "مصطفى النجار" و"زياد العليمي"، ويشهد أداؤهما داخل المجلس -خاصة النجار- أن الواحد منهم بمائة ممّا يعدون، وما عدا ذلك تعرّض شباب الثورة لكل الأفعال الخبيثة من تخوين واتهامات بالتمويل والعمالة والتشكيك حتى فى انتمائهم الدينى.
حركة "6 أبريل" على سبيل المثال.. اتهمها "الهاجع والناجع والنايم على صرصور ودنه" بأنها حركة ممولة من الخارج، وأنهم يُنفذون أجندات خارجية، وتعرَّضت قياداتها الشابة لكل أنواع التشويه، حتى بلغ السفه حد سؤال أحد موزعى الاتهامات الحصريين، لواحدة منهن: "جبتى البوت اللى إنتِ لابساه منين"؟
حتى القيادات العسكرية ساعدت فى اتهام الحركة بالتمويل والخيانة حين خرج أحد اللواءات مُردّدا تلك الاتهامات فى وسائل الإعلام، ولما قامت الحركة بالإبلاغ عن نفسها لدى النائب العام، لم يثبت عليها أمرًا ولا تمويلاً ولا خيانة ولا أجندات، بل ثبت تلقى التمويل على جماعات وجمعيات أخرى، بينما استمر أراجوزات السلطان -أى سلطان- فى تكرار الاتهامات صباحًا ومساءً، كأن تشويه شباب الثورة وحركة "6 أبريل" تحديدًا، يُقرّب الأراجوز من السلطان، ويضعه فى القلب.
حتى النواب المحسوبون على الثورة ومن يمكن تعدادهم من المُتفاعلين مع شبابها، تعرّضوا داخل البرلمان لحملات من المقاطعة والشوشرة من الأغلبية التى تنسب نفسها للإسلام، وبلغ الأمر مداه بوصف أحد الشباب النواب وهو محمد أبوحامد بـ"الفاسق" تلميحًا، تحويل النائب زياد العليمى إلى التحقيق بسبب تصريحات قالها خارج المجلس ولا ولاية ولا سلطان للبرلمان عليها، بخلاف التعامل بعدائية مع نواب آخرين.
مجلس كهذا صفّق فيه نواب الأغلبية التى تنسب نفسها للإسلام لمصطفى بكرى حينما ردَّد اتهامات يُعاقب عليها القانون ضد الدكتور محمد البرادعى -الرمز الأوضح للثورة المصرية- متهمًا إياه بالعمالة لأمريكا هو واتباعه، وكأن "بكرى" كان يكره أن تقوم الثورة ويسقط نظام مبارك الذى فى عهده صار كاتبًا صحفيًا مالكًا لصحيفة، ونائبًا برلمانيًا يملك من الثورة والجاه والنفوذ والسلطان والعلاقات الحميمة مع رموز العهد البائد ما يكفيه لتشويه الثورة وشبابها وقياداتها دون أن يُعاقبه أو يتعقبه أحد، بل ويلقى تقديرًا وتصفيقًا من نواب الشعب.
مجلس شعب كهذا يُعادى الثورة وشبابها، صفّق نوابه لواحد من نواب الأغلبية التى تنسب نفسها للإسلام، اتهم -بغير دليل- شبابًا مصريين بأنهم عُملاء لجهات مجهولة يتلقون أموالاً يومية تقدَّر بنحو 200 جنيه، ووجبتين طعام، والأخطر من ذلك "شريط" ترامادول" مُخدر، بينما هاجم هذا المجلس النائب محمد أبوحامد حين تحدَّث عن شرعية الميدان، واستهجنوا وجوده فى مجلس الشعب، إذا كان يُعبر عن الشرعية الثورية.
مجلس كهذا منذ أن عُقد بدا وكأنه يدافع عن القاتل فى مواجهة القتيل، وينصر الظالم ويشوه المظلوم، طالما كان مُنتسبًا للثورة.. غضبًا أو انتماءً.
لن أتحدث عن الشهداء الذين ذُبحوا وقُتلوا ودُهسوا.. أو من تم تعريتهن وسحلهن وتم تشويه سمعتهن.
عُد بذاكرتك ستكتشف أنهم وحدهم شباب الثورة والمُتعاطفون معهم ومن يدّعموهم هم من دفعوا الفاتورة.. واسأل نفسك سؤالاً واحدًا.. مَنْ المستفيد؟!
|