التاريخ : السبت 03 march 2012 03:42:30 مساءً
هل أنت مندهش من سفر المتهمين الأمريكيين فى قضية المنظمات؟ لماذا تتباكى على استقلال القضاء وتعتقد أنه تلقى طعنة كبيرة فى اعتباره واحترامه، لماذا تعتقد أن قرار الإفراج سياسى، ولا تعتقد أن قرار المحكمة كله من الأصل كان سياسيا بحتا؟
هل انتهك استقلال القضاء بقرار الإفراج عن المتهمين، هل تداخلت السياسة مع القضاء فى إنهاء القضية، أم أن التدخل والانتهاك السياسى للقضاء بدأ مع القضية ذاتها التى بدأت سياسية فى الأصل وانتهت سياسية وتم استخدام القضاء فيها كمخلب قط خاضع لقرارات سياسية.
لا تنزعج بقرار الإفراج، فالأرجح أنه تصحيح «سياسى» لقرار الاتهام، الذى كان سياسيا أيضا، لكنك لابد أن تكون منزعجا من استمرار الدولة فى استخدام القضاء كوسيلة لتصفية حسابات سياسية، أو إشعال معارك ذات طابع سياسى، وراءها أهداف لا علاقة لها بالقانون، وتخضع للتفاوض، وأحاديث الغرف المغلقة، وصفقات أعلى الطاولة وأسفلها.
لاحظ أن الاتهام الذى هو فى الأصل «مخالفات إدارية» تحول إلى جرائم عمالة وتخوين وتمويل وتقسيم للوطن، والذين ملأوا الدنيا صياحا يتباكون على الاختراق الأمريكى لمصر، والمساعى الأمريكية لتقسيم مصر، والخرائط التى تم ضبطها والأموال التى تم دفعها لتحقيق هذه الأهداف الكارثية، ولاحظ أن المتهمين بالسعى لتقسيم مصر تم الإفراج عنهم بغرامات، اسع إذن لتقسيم مصر وستخرج بغرامة، لكنك إذا شتمت المشير ربما تجد أغلبية برلمانية تسحلك، وإذا هتفت فى مظاهرة ربما تجد نفسك تقضى خمس سنوات فى زنزانة بالسجن الحربى.
لاحظ كذلك أن الأطراف السياسية فى المجلس العسكرى والحكومة والأغلبية التى حملت لواء الاتهامات وجندت خلفه الإعلام والأتباع، والأبواق التى اقتاتت على خطاب مقاومة أمريكا وعملاء أمريكا هى ذاتها الأصوات التى لم تنطق حتى الآن بكلمة، الذين تباكوا على السيادة، وتخندقوا دفاعا عن استقلال القضاء أين هم الآن هل لديك تفسير؟
هل تعتقد أن جزءا من التفسير يكمن فى زيارة جون ماكين الأخيرة للقاهرة، فتش عن هذه الزيارة، انظر لما هو معلن منها قبل أن تنظر لما هو خفى عن الأنظار، اربط بين الأطراف التى التقاها ماكين وخرج من عندهم جميعا يشيد بالتوافق والاتفاق فى وجهات النظر، وبين خروج المتهمين الأمريكان بعد عدة أيام، وصمت هذه الأطراف عن عملية الخروج، رغم أنها كانت تملأ الدنيا ضجيجا حول السيادة والركوع والعملاء.
الإفراج عن الأمريكان إذن هو قرار سياسى يرضى المجلس العسكرى والحكومة والأغلبية البرلمانية، وتفاهم حوله جون ماكين مع الأطراف الثلاثة بوضوح، ومنح لكل طرف ما يريد مقابل الصفقة؟
ما هو الثمن الذى أخذه كل طرف إذن؟ كل شىء سيظهر لا شك، فالأمريكان يعرفون أكثر، يكفى أن تقرأ بيانا صدر عن أعضاء مجلس الشيوخ أشاد بتعاون الحكومة والمشير وقادة جماعة الإخوان المسلمين ورئيس البرلمان لحل الأزمة، وكأنه يقول لشعب قام بالثورة وفوض من فوض لإدارتها، وانتخب من انتخب لاستكمالها: «نشكركم على حسن تعاونكم معنا».. الآن فقط عرفت واشنطن أنها لا يجب أن تتحسر على مبارك وأيامه..!
|