التاريخ : الخميس 15 march 2012 03:36:31 مساءً
أقولها لنفسى كل صباح بعد أن أحمدَ الله على نعمِهِ التى لا تُعدُّ ولا تُحصَى، ومنها أن الزمن لا يتوقف، حتى لو حاول إيقافه من لم يدركوا ضعفهم أمام إرادة الله وإرادة الشعب الذى ذاق حلاوة أن يرفع رأسه إلى أعلى غيرَ مبالٍ بمحاولات إعادته إلى معتقله الكبير.
حقيقةُ أن الزمن لا يتوقف هى مصدر الشحن الأكبر، لتفاؤلى وإصرارى على مواجهة كافة التحديات والعراقيل التى يلقونها –هم- فى طريقنا، أما الضمير "هم" والتساؤل الذى يحيرنا جميعًا بشأنه، فقد قررتُ أن أكتفى باعتبار الضمير "هم" عائدًا على الذين باعوا ضميرهم مقابل سلطان أو مال أو أملاك لا بُدَّ لهم أن يرحلوا عن الدنيا ويتركوها.
ما لم تقم الساعة.. فإن الأيام المائة التى تفصلنا عن تحقق حلمنا ستستمر بإذن الله، وسيأتى اليوم الأول بعد المائة؛ يُعلِن -بأعلى درجات الاعتزاز والفرحة- نجاح ثورتنا فى وضع مصر على خريطة الدول الطبيعية التى يتساوى فيها المواطنون جميعًا أمام قانون أعمى لا يميز بين أحد منهم.
وأتذكر هنا حديثًا دار بينى وبين صديق فاجأنى بقوله –فى سياق الحديث عن الرؤساء المحتملين وغير المحتملين-: إننا بحاجة إلى ديكتاتور عادل! قالها ليضعنى فى اختبار صعب: هل أَسْخَرُ منه وأكرر ما ذكرتُه مرارًا من أن "الديكتاتور العادل" تتساوى عندى مع "الطويل القصير" أو "التخين الرفيع"؟
وجدتُنى أقول له: أوافقك على ضرورة أن يحكمنا ديكتاتور عادل، أتعرف اسمه؟ هَزَّ رأسه بالنفى.. قلت: إنه القانون، وهو الديكتاتور العادل الوحيد الذى ظهر على الأرض منذ خُلِقَ آدم (عليه السلام).
تركنى مقتنعًا أو غير مقتنع.. لا أدرى! أكملتُ الحديث مع نفسى كالمجانين! قلت: وبما أن الدستور هو أبو القوانين، فلينصَبَّ اهتمامنا على أن يتضمن أهم المبادئ التى لم يختلف عليها أحد.. كلنا نريد القضاء على الاستثناءات، ولكن البعض ممن يتصورون أنهم متفقون معى على هذه النقطة قد يتحولون إلى رفضها عند الدخول فى تطبيقاتها الفعلية الكاملة.
ذكرتُ فى مقال الأسبوع الماضى أن القضاء على الاستثناءات سيؤدى للقضاء على الرشوة بأشكالها المختلفة، ولكنه فى نفس الوقت سيَحْرِم من "برطعوا" وتربحوا بغير حساب ولا سداد لضرائب أو تأمينات.. سيحرمهم من نسبة غير قليلة من أرباحهم غير العادلة.
القضاء على الاستثناءات لن يسمح بتعلية عقار بدون ترخيص أو البناء على أراضٍ زراعية أو إلقاء المخلفات فى النيل وترعِهِ. كذلك يعنى القضاء على الاستثناءات أن ننسى تمامًا قصة أبناء العاملين، أعنى أحقية أبناء العاملين فى التعيين، مهلاً.. أرجوكم، أعلم تمامًا ما تقولون عن خدمة الأربعين عامًا لمكان، وبعدها لا أستطيع تعيين أبنائى فيه!! وماذا عمن لم يُرْزَق أولادًا؟ بم نعوضه عن هذه الميزة؟ وماذا نفعل لو كانت مؤهلاتهم العلمية غير مناسبة للمكان والاختصاص؟ إنها كلها موروثات استثنائية شاذة يجب التخلص منها. تَوَلِّى الوظائف يجب أن يتم فى دولة الدستور والقانون وفقًا لمعايير عالمية محددة على ألا يتولى أحد منصبًا قياديًّا إلا وفقًا لانتخاب شعبى أو اختبار يعلن عنه وعن شروطه ويجريه خبراء مشهود لهم بالنزاهة، ولا تربطهم بهذا العمل أى مصالح ولا تربطهم بالمتقدمين له أية صلاة.
أرفض أن يتضمن الدستور الجديد أية استثناءات، بما فى ذلك حق رئيس الجمهورية فى إصدار عفو عمن صدر عليه حكم بالإعدام.
أرفض شقة المحافظ أو القبول بالصف الابتدائى الأول لمن هو أصغر فى السن المعلن بيوم واحد بناءً على استثناء وزير التعليم.
فلنغلق كل هذه الأبواب، ونغلق معها تمامًا كل أشكال التمييز والأوضاع الخاصة التى يزعم البعض أنها شر لا بد منه.
صباح الغد -إن شاء الله- سأكتب فى مفكرتى الرقم "99"، وبعده "98"، وهكذا حتى تمر الأيام المائة التى أتمنى أن أغمض عينىَّ وأفتحهما لأجدها قد مرت كالكابوس الثقيل الذى يزول أثره بمجرد الاستيقاظ منه.
مرة أخرى أحمد الله أنه لم يمنح أحدًا القدرة على إيقاف الزمن.. أما إعادته إلى الوراء، فهى "عشم إبليس فى الجنة".
توكلوا على الله، وتفاءلوا.. إنه بالغ أمره.
|